الدكتور عباس الجراري ، شخصية موسوعية متعددة العطاءات -الحلقة25

إعداد : د. منير البصكري الفيلالي

  عطفا على ما سبق ، نذكر أنه من المؤكد أن كتاب ” القصيدة ” رصيد علمي وأدبي ، تعتز به مكتباتنا الخاصة والعامة ، إذ لا مجال للاستغناء عنه .. كتاب يؤرخ ويوثق ويصف ويحلل لشعر اعتبره الكثيرون أدبا متميزا وذخيرة المغرب الأدبية والفنية بامتياز . إلى جانب ما سبق ، نذكر إشراف أستاذنا على غير قليل من الأبحاث الجامعية .
     ولعل الزخم الهائل من البحوث والدراسات في مجال الملحون ، كاف ليبين لنا إلى أي حد كان التجاوب قويا مع رغبة أستاذنا الدكتور عباس الجراري وهو يدعو الباحثين إلى إدارة البحث حول الأدب الشعبي والملحون بصفة خاصة .. إذ إن قناعته تكمن في أن الشعر الملحون ـ بطبيعته الإبداعية ـ هو تعبير حي عن واقع القدرات الإبداعية للمجتمع ، كما أنه إبداع يعتمد في أسسه على موروثات ثقافية عايشها الشعراء في تواصلهم مع التاريخ ، وهو أيضا تعبير عن ثقافة المجتمع بمعطياته الثقافية والحضارية .
      لهذا ، فالرصيد العلمي الوطني في الكتابة عن الملحون ، رصيد هائل ومتميز ، سواء تعلق الأمر بالأبحاث التي قدمت للجامعة المغربية في نطاق الإجازة أو دبلوم الدراسات العليا أو دكتوراه الدولة ، أو تلك التي ظهرت في شكل مقالات أو دراسات حول الملحون .. علما بأن الجامعة المغربية بفضل ما كان يدعو إليه أستاذنا ـ رحمه الله ـ قد ساهمت بقسط كبير في التعريف بالملحون من جميع زواياه . والأمل معقود على أن تستمر هذه المبادرة ، لأن ما كشف عنه اليوم يعتبر نزرا يسيرا ولا يفي بالمقصود .. ولن يتحقق الهدف الأسمى إلا بعد أن يتم رفع الحجب المستورة عن نصوص الشعر الملحون التي ما تزال حبيسة رفوف غير قليل من الخزانات العامة أو الخاصة ، على الرغم من الجهود التي تقوم بها بعض الجهات مشكورة ، على حد ما أقدمت عليه أكاديمية المملكة المغربية في سعيها لجمع ما هو مفرق ومشتت من قصائد الملحون ، حتى لا يضيع ما تبقى منها ، نظرا لما يمكن أن يتعرض له هذا الشعر من عوامل مختلفة ، سواء ارتبط ذلك بالطفرات الحضارية والاقتصادية التي يمر منها العالم اليوم ، أم ارتبط بتغلغل وسائل الإعلام الحديثة في حياة الإنسان اليومية ، وهو تغلغل يفوق سيطرة الإنتاج الكمي الصناعي الآلي على قدرات وإنتاج الإنسان الإبداعية .

يتبع …