
عبدالرحيم لحبابي
يُعتبر موسم سيدي أحمد أو موسى في تزروالت بإقليم تزنيت واحداً من أبرز المناسبات الدينية والاجتماعية والثقافية في جنوب المغرب حيث يجمع هذا الموسم بين الطقوس الدينية والاحتفالات الشعبية ليخلق حدثاً متكاملاً يحتفي بالتراث الغني للمنطقة.
من حيث البعد الديني يشكل الركيزة الأساسية للموسم، حيث يتوافد الآلاف من الزوار، بمن فيهم الحجاج والمريدون، إلى ضريح الولي الصالح سيدي أحمد أو موسى. تُقام الطقوس الدينية التي تشمل الصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله، والتي تهدف إلى التبرك والاستشفاء واستمداد البركة من هذا الولي الذي يُعتقد أنه كان له دور كبير في نشر العلم والدين في المنطقة.
إلى جانب الجانب الروحي، يتميز الموسم بأنشطة اجتماعية وثقافية متنوعة. تقام خلاله أسواق شعبية تجذب الباعة والتجار من مختلف أنحاء المغرب، حيث تُعرض المنتجات المحلية مثل الزيوت والأعشاب والتوابل، بالإضافة إلى الحرف اليدوية التقليدية التي تشتهر بها المنطقة. هذه الأسواق تُعد فرصة للتجار والزوار على حد سواء للتفاعل وتبادل المنافع، مما يُسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي.
اما بخصوص الأنشطة الفنية فتحتل مكانة هامة في الموسم، حيث تُقام عروض الفنون التقليدية مثل “أحواش” و”التبوريدة”، والتي تجذب جمهورًا كبيرًا من الزوار. هذه العروض الفنية لا تقتصر فقط على الترفيه، بل تحمل في طياتها رسالة تعكس غنى التراث الثقافي للمنطقة وتنوعه.
كما يُنظَّم خلال الموسم مجالس علمية وثقافية تناقش فيها قضايا دينية وثقافية تتعلق بتاريخ المنطقة وتراثها. هذه المجالس تتيح للمشاركين فرصة للتعمق في دراسة تاريخ الولي الصالح وأثره على المجتمع المحلي.
في الجانب التنظيمي، تُعدّ الاستعدادات للموسم عملاً جماعياً تشارك فيه مختلف الفعاليات المحلية. يتم التنسيق بين السلطات المحلية واللجان المنظمة لضمان توفير جميع الخدمات الضرورية للزوار من أمن ونقل وإقامة، مما يضمن سير الفعاليات بسلاسة.
موسم سيدي أحمد أو موسى ليس مجرد احتفال ديني، بل هو مناسبة تجمع بين العبادة والتقاليد والفنون والتجارة. إنه تظاهرة شاملة تعكس هوية المنطقة وتراثها، وتسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية والاقتصادية بين أفراد المجتمع.