عندما يواصل أخيار المغرب تكافلهم

عبد اللطيف أفلا

قد لا يسع القواميس والمؤلفات الحديث عن جوهر وقدسية عمل الخير والتكافل والتضامن مع البسطاء، في وطن يحمل اسم ونسب “مغرب العطاء”، ومتابعته هنا وهناك في كل أرجاء المملكة المغربية يبشر ببقاء الخير في أبناء هذا الوطن الحبيب، وكذلك سيبقى، خاصة عندما يصدر هذا العطاء عن مواطنين، هم أصلا من البسطاء، واكثر ممن وهبوا حياتهم لهاته الخدمة بكامل الرضى والقناعة واليقين.

بخصوص ذلك نقف على قافلة تضامنية شدت رحالها من الدار البيضاء صوب دوار آيت بن عزيز، وقبيلة آيت موسى أوعلي، باشوية بومية بعمالة ميدلت بجهة درعة تافيلالت، وشعارها “دفء غيرك وأنشر خيرك” وذلك يومي 7 و 8 من الشهر الجاري فبراير 2025.
قامت هاته العملية الخيرية بتوزيع مجموعة من المساعدات الغذائية في حوالي 40 قفة تحتوي على مواد غذائية، وأغطية و ملابس شتوية جديدة، للذكور والإناث صغارا، وأهدت القافلة لمسجد المنطقة، مكنسة كهربائية و 60 مصحفا محمديا.

شارك في هاته القافلة التي نظمتها جمعية الياقوت الوطنية للتنمية المستدامة، جمعية أهل الخير للتنمية والتكافل الاجتماعي، وجمعية نور النجاح لزرع التنمية الاجتماعية والخيرية، وجمعية الجسر للتنمية المستدامة، وجمعية وليدات الخير، ثم جمعية نجوم القمر.

في تصريحها للموقع الإخباري MCG24، تقول رئيسة جمعية أهل الخير للتنمية والتكافل الاجتماعي السيدة زهور، الملقبة بمِّي زهور، والتي عُرفت بتسخير حياتها وقبل تأسيس جمعيتها سنة 2019، لتقديم العون والمؤونة للمستضعفين، حيث جعلت جميع غرف وأركان شقتها مستودعا لأكياس ورزم وعلب الملابس والمواد الغذائية، التي تشارك في إعدادها مع جمعيات أخرى، قبل تسليمها يدا ليد للمحتاجين.

“أنا أخذت عهدا على نفسي، وأمام الله بوهب حياتي كلها للعمل الخيري، فكوني وحيدة في البيت، أجعل من كل الأغراض والحاجيات التي أقوم مع متعاونين آخرين بتوزيعها على المساكين، مؤنسة وأنيسة نورانية بإحساس عاطفي عميق.. وهاته القافلة التي أشارك فيها هي 8 قافلة لي، بالإضافة إلى أعمال أخرى على مدار العام بعدد من الأحياء مدينة الدار البيضاء، كتوزيع مساعدات دورية، مثل قفف رمضان، وكم هو جميل أن يبتسم الأطفال في وجهك، وأن يدعو لك المسنين بالبركة والعافية والقبول، وتلك هي سعادتي الحقيقية..”

وأشارت السيدة زهور في حديثها مع الجريدة الالكترونية MCG24، إلى أهمية ودور أعمال الخير في تحقيق التوازن داخل المجتمع
” لنا العبرة الحسنة في مغربنا، بالمبادرات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، في التضامن ضد الحاجة، ومحاربة الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعي، وهو ما يشحن طاقاتنا بالمضي في طريق الخير والتكافل أسوة بوصايا خير البرية عليه الصلاة والسلام، و أوامر الله سبحانه، ولو تحلينا جميعا بقيم العطاء لما وُجد محتاج واحد..”

وفي حديثه لجريدة MCG24، شدد السيد العلالي عبد الرحمن، رئيس جمعية الياقوت الوطنية على ضرورة المشاركة المكثفة والمتواصل لجل فعاليات المجتمع المدني لمساعدة ساكنة المناطق القروية أكثر من المناطق الحضرية:
“قبل أي قول، أقول لكم بأننا مجندين وراء جلالة الملك حفظه الله، ونحن نمشي على خطاه في التضامن بوطنية وغيرة… بحكم تجربتي في العمل الجمعوي في القرى والمدن، واقترابي من المواطنين المحتاجين، أرى أنه علينا جميعا استهداف البوادي والقرى البعيدة في الجبال والأرياف أكثر من المدن، وذلك لأن بسطاء البوادي، إضافة إلى الهشاشة، فإنهم يعانون أيضا من قساوة الظروف المناخية، البرد في فصول الخريف والشتاء، والجفاف والحرارة في فصل الصيف، لذلك زيادة على حاجتهم للمؤونة فإنهم بحاجة للباس والأغطية والقوافل الطبية.. وفي المقابل ربما، ربما أقول، الأسر البسيطة في الحواضر قد تحتاج في أغلبيتها إلى القفة فقط، لذلك فإن أغلب الوجهات التي تختارها الجمعية التي أرأسها، ومنذ عام 2019، تكون في المناطق القروية، آخرها المناطق المتضررة من زلزال الحوز، كمنطقة ثلاث نيعقوب… وهاته القافلة التي ننظمها بشراكة مع العديد من فعاليات المجتمع المدني، هي القافلة الثامنة، ولن تكون الأخيرة إن شاء..”
وأشار العلالي عبد الرحمن في معرض حديثه معنا، لكرم مغاربة تلك المناطق، وبساطة وتواضع أهاليها، كما عبر عن فرحه العميق بإيصال المساعدات، واستشعاره إحساس المستفيدين منها بالبهجة والسرور.

شهدت هاته القافلة أيضا، تنظيم أنشطة ترفيهية لحوالي 120 طفلا، تضمنت مسابقات وألعابا وأغاني ورقصات، وعروضا بهلوانية ومسابقات مختلفة.
كما تم خلال صبيحة الأطفال، توزيع بدل رياضية، وأحذية مطاطية غير مستعملة، وهدايا وألعاب وحلويات.
والعبرة والأثر، سرور يبقى محفورا في ذهن الناشئة وذويهم، و وقودا إضافيا لمواصلة قوافل الخير مسيراتهم في إسعاد إخوانهم.