
تصعيد جمركي أمريكي يهدد الاقتصاد العالمي وسط انتقادات واسعة
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم 2 أبريل 2025 عن فرض رسوم جمركية جديدة ستدخل حيز التنفيذ ابتداء من 5 أبريل على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة بنسبة 10%. وتأتي هذه الخطوة في سياق تصعيد غير مسبوق للسياسة التجارية الأمريكية، بعدما سبق لترامب أن فرض رسوما بنسبة 25% على الصلب والألمنيوم والسيارات.
واعتبر ترامب هذا اليوم “يوم تحرير”، مبررا قراره برغبة الولايات المتحدة في تصحيح “سنوات من الاستغلال من قبل دول وشركات أجنبية”، حسب تعبيره. ويهدف هذا الإجراء إلى تقليص العجز التجاري الذي بلغ في 2024 نحو 1203 مليار دولار، وتحفيز إعادة توطين الصناعات في الأراضي الأمريكية، بالإضافة إلى تقليص العجز في الميزانية وتخفيف العبء الضريبي.
لكن هذه الرسوم الجديدة أثارت موجة من القلق والغضب على المستوى الدولي، كونها تتعارض مع قواعد منظمة التجارة العالمية واتفاقيات التجارة الحرة التي أبرمتها الولايات المتحدة. كما لا تحترم مبدأ عدم التمييز، إذ تختلف النسب المفروضة من دولة إلى أخرى، وفقًا لما كشفه تقرير شامل أعده جواد كردودي، رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية (IMRI)، والذي اعتمدت عليه هذه المادة الصحافية كمصدر رئيسي ووحيد.
وأوضح كردودي أن ترامب اعتمد في حساب الرسوم الجمركية على صيغة فريدة من نوعها تقوم على تقسيم العجز التجاري الثنائي مع كل دولة على قيمة الواردات منها، ثم يقسم الناتج على اثنين. وقد نتج عن هذا النظام فرض رسوم قياسية لم تُشهد منذ ثلاثينيات القرن الماضي، مثل 54% على الصين، 49% على كمبوديا، 44% على سريلانكا، وحتى الدول الحليفة مثل سويسرا (31%) وكوريا الجنوبية (25%) لم تسلم من العقوبات.
وبالنسبة للمغرب، فقد تم فرض رسوم بنسبة 10% رغم اتفاق التبادل الحر الموقع سنة 2006 والذي ينص على إعفاء جمركي. ويرى كردودي أن السبب يعود إلى احتساب الضريبة على القيمة المضافة (TVA) المغربية البالغة 20% كضريبة جمركية غير مباشرة، ما أدى إلى تطبيق نصف هذه النسبة. وتبلغ قيمة الصادرات المغربية إلى الولايات المتحدة 12,65 مليار درهم، وتشمل الفوسفات، الأسماك، الفواكه والخضر، المكونات الإلكترونية، وقطع الغيار الجوية والسيارات، فيما تصل قيمة الواردات الأمريكية إلى المغرب إلى 60,31 مليار درهم.
رغم الطابع الحمائي للقرار الأمريكي، يرى التقرير أن المغرب قد يستفيد نسبيا، إذ إن نسبة الرسوم المفروضة عليه (10%) تبقى أقل من تلك المفروضة على دول منافسة كالاتحاد الأوروبي (20%)، ما قد يمنحه أفضلية نسبية في السوق الأمريكية، وربما يجذب استثمارات أجنبية نحو المملكة لتجاوز الرسوم الجمركية المرتفعة.
لكن على الصعيد العالمي، كانت ردود الفعل حادة. فقد أعلنت الصين فرض رسوم انتقامية بنسبة 34%، بينما اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، القرار “ضربة قاسية” للاقتصاد العالمي، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي يعمل على إعداد “رزمة إجراءات مضادة”. أما اليابان، فاعتبرت القرار “مؤسفًا للغاية” وطالبت بإعفاءات خاصة.
وقد انعكست هذه القرارات سريعا على الأسواق العالمية، حيث شهدت البورصات تراجعات حادة، وانخفض سعر النفط إلى ما دون 60 دولارًا للبرميل، في أكبر تراجع منذ سنة 2021. كما حذر رئيس البنك الفدرالي الأمريكي جيروم باول من تداعيات سلبية على النمو والتوظيف، رافضًا خفض سعر الفائدة رغم ضغوط ترامب.
وفي ختام تقريره، أعرب جواد كردودي عن أسفه لاتخاذ مثل هذه القرارات بشكل أحادي، محذرًا من أنها قد تتسبب في أزمة اقتصادية عالمية، لاسيما في الدول النامية. كما أشار إلى أن أكثر من 50 دولة طلبت فتح مفاوضات مع واشنطن بشأن الرسوم الجديدة، في وقت تتصاعد فيه الانتقادات داخل الولايات المتحدة لنهج ترامب، الذي يُتهم بتقويض المؤسسات، إغلاق برامج الدعم الدولي، وفصل آلاف الموظفين من الإدارة الفيدرالية.
وتجدر الإشارة إلى أن كافة المعطيات الواردة في هذا المقال مستقاة حصريًا من التقرير التحليلي الصادر عن **جواد كردودي، رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية (IMRI)**.