موريتانيا تستخدم “الدرون” لطرد البوليساريو
في تحول استراتيجي يعيد تشكيل قواعد اللعبة الأمنية في منطقة الساحل المضطربة، كشفت موريتانيا عن فصل جديد في سياستها الدفاعية، مستخدمة للمرة الأولى أسطولا من الطائرات المسيرة الصينية المتقدمة لتأمين حدودها الشمالية الشاسعة والمترامية الأطراف مع الجزائر.
ولم تكن هذه الخطوة، مجرد استعراض للقوة، أثبتت فعاليتها الفورية بتحقيق اعتراض ناجح لعناصر من جبهة البوليساريو، مما يبعث برسائل قوية متعددة الاتجاهات حول سيادة نواكشوط وحزمها في ضبط أراضيها.
هذا التطور النوعي في القدرات العسكرية الموريتانية، والذي تمثل في استخدام طائرات “BZK-005” الصينية الصنع، فخلال الأسبوع الجاري، رصدت هذه “العيون الساهرة” تحركات مشبوهة، ونجحت في توجيه القوات الموريتانية لاعتراض مجموعة من أفراد جبهة البوليساريو كانوا بصدد التسلل عبر الحدود.
وتشير المعلومات الاستخباراتية إلى أن عناصر البوليساريو انطلقوا من معسكرات تندوف في الجزائر، والتي تعد قاعدة خلفية للجبهة، وكانوا ينوون استخدام الأراضي الموريتانية منطقة عبور للوصول إلى المواقع التي يسيطر عليها المغرب في الصحراء المغربية، غرب الجدار الأمني.
اللافت في هذا السياق هو مصدر تمويل هذه الصفقة العسكرية، حيث يأتي الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي، إذ يعكس هذا التمويل الأوروبي قلقا متزايدا ورغبة استراتيجية في دعم موريتانيا كشريك محوري في استقرار منطقة الساحل، فبروكسل ترى في نواكشوط حائط صد ضروريا في مواجهة التهديدات الأمنية المتصاعدة، من الإرهاب إلى الجريمة المنظمة، وبالتالي فإن تزويدها بتقنيات مراقبة متطورة يخدم المصالح الأوروبية في تأمين جوارها الجنوبي.
وكانت نواكشوط قد أعلنت عن صفقة الطائرات المسيرة هذه قبل عام بالتمام والكمال، لكنها أحاطت تفاصيلها بالسرية، فلم تكشف آنذاك عن هوية المورد أو حجم الأسطول.
وتتكامل هذه الخطوة العسكرية مع إجراء سيادي لا يقل أهمية، اتخذته الحكومة الموريتانية، ففي قرار حاسم، أغلقت نواكشوط بشكل دائم معبر “لبريكة” الحدودي، وهو ممر صحراوي لطالما شكل شريانا لتحركات جبهة البوليساريو عبر الأراضي الموريتانية، وهو ما مثل ضربة لوجستية قاسية للجبهة، ويؤكد عمليا أن موريتانيا لن تتسامح بعد اليوم مع استخدام أراضيها كساحة خلفية للصراع الإقليمي.
