
فاس تنتفض ضد إدريس لشكر
تشهد الساحة التنظيمية داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تصاعدا لافتا في حدة التوتر والانقسام، كان أحدث تجلياته ما وقع بمدينة فاس، مساء الخميس الماضي. وواجه إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب، احتجاجات علنية وهتافات مناهضة غير مسبوقة، في مؤشر واضح على اتساع دائرة معارضيه داخل التنظيم.
وحسب مصادر من داخل الحزب، فقد منع لشكر في بداية الاجتماع من دخول مقر الحزب إلا بعد الامتثال لطلب أعضاء محليين بارتداء “الباذج”، في خطوة رمزية فسرت على نطاق واسع على أنها تعبير عن التمرد التنظيمي عليه ورفض التعامل معه بصفته “زعيماً أوحد”.
تلا ذلك تصاعد التوتر بانسحاب جواد شفيق، عضو المكتب السياسي والكاتب الإقليمي بفاس، من أشغال المجلس الإقليمي، متهما قيادة الحزب بـ”خروقات سياسية وتنظيمية” وموجها انتقادات لاذعة لتحالفاتها المثيرة للجدل، خاصة مع حزب التجمع الوطني للأحرار.
ولم تترك الهتافات التي صدحت بها القاعة مجالا للشك في عمق الغضب الداخلي، أبرزها “الاتحاد ماشي ديالك”، وهو الشعار الذي ردده أنصار شفيق خلال التدخلات، ما دفع لشكر إلى الاكتفاء بكلمة قصيرة لم تتجاوز 20 دقيقة، غادر بعدها القاعة تحت وقع الاستهجان، وسط صدمة الحاضرين.
ولم تتوقف اتهامات شفيق عند التحالفات، بل امتدت إلى اتهام مباشر للشكر بـ”تفكيك الحزب من الداخل” و”زرع الفساد التنظيمي”، مؤكدا أن فاس لن تكون “معقلا للتصفيق الأوتوماتيكي” لقرارات القيادة. وأضاف متوجها إلى الحاضرين: “إدريس جا يخرب فاس، كفى من سنوات الضحك على الذقون”، مشيرا إلى القيادي جوهر باعتباره أحد ضحايا “الوعود الكاذبة”.
وامتدت الاحتجاجات إلى الفضاء الرقمي، حيث نشر عضو من المجلس الوطني لشبيبة الحزب تدوينة شديدة اللهجة، اتهم فيها القيادة بمحاولة إفشال التحضير للمؤتمر الوطني الثاني عشر، كاشفا عن انسحاب جماعي لأعضاء اللجنة التحضيرية والمجلس الإقليمي، وداعيا لشكر إلى تحمل المسؤولية السياسية والتنظيمية.
الأزمة التي انفجرت في فاس تعكس عمق الشرخ داخل الحزب، وتضع قيادة لشكر أمام منعطف خطير مع اقتراب موعد المؤتمر الوطني، في ظل تنامي الأصوات المنادية بوضع حد لـ”الهيمنة الفردية” وإعادة الروح الديمقراطية إلى مؤسسة القرار داخل الاتحاد الاشتراكي.