
اعتقال قريب ل “البوليساريو” بإسبانيا بتهمة الإرهاب
كشفت الشرطة الإسبانية، في الآونة الأخيرة، تفاصيل جديدة حول خلية إرهابية يتزعمها شابين صحراويين من مخيمات تندوف في الجزائر، بمنطقة ألافا شمال البلاد، بتهمة “التعاون مع منظمات جهادية” و”تمجيد الإرهاب”.
ومثل المشتبه فيهما أمام قاضي تحقيق متخصص في قضايا الإرهاب بالمحكمة الوطنية في مدريد، الذي قرر القاضي إبقاء أحدهما رهن الاعتقال الاحتياطي، بينما أُفرج عن الآخر تحت المراقبة القضائية.
ولم تكشف وسائل الإعلام الإسبانية، خاصة في إقليم الباسك، عن أصول المعتقلين بشكل واضح، لكن مصادر مطلعة أوضحت أن أحد المشتبه فيهما هو قريب السفير الجديد لجبهة البوليساريو في الجزائر، خطري أدوه، مضيفة أن ممثلي الجبهة في إسبانيا يسعون لإقناع وسائل الإعلام الباسكية بعدم الإشارة إلى انتماء المشتبه فيهما إلى مخيمات تندوف، في محاولة لاحتواء تداعيات القضية.
وتأتي هذه الاعتقالات في سياق تحذيرات أوروبية متصاعدة من تورط عناصر مرتبطة بجبهة البوليساريو في أنشطة إرهابية، إذ سلط تقرير استخباراتي إسباني حديث، صادر عن المركز الوطني للاستخبارات، الضوء على انضمام عناصر متطرفة من البوليساريو، الناشطة انطلاقا من مخيمات تندوف، إلى تنظيمات إرهابية في منطقة الساحل مثل “القاعدة” و”الدولة الإسلامية”.
وأشار التقرير إلى أن بعض هذه العناصر تشغل مناصب قيادية “مقلقة” داخل هذه التنظيمات، مما يعزز من قدراتها على التخطيط لعمليات إرهابية قد تمتد إلى العمق الأوروبي.
ومن بين الأسماء البارزة التي ذكرها التقرير، إياد أغ غالي، زعيم جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، التي تضم أكثر من 6 آلاف مقاتل، والذي تربطه صلات وثيقة بعناصر من مخيمات تندوف، إذ تسعى هذه الجماعة إلى توسيع نفوذها في المغرب الكبير، فيما تسجل “ولاية الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا” حضورا أكثر تطرفا، مع قيادات لها ارتباطات مباشرة بجبهة البوليساريو، مما يثير قلق العواصم الأوروبية من احتمال تنفيذ هجمات انطلاقا من الساحل أو التخطيط لها داخل القارة.
وأفادت صحيفة “لا فانغوارديا” الإسبانية أن بعض هذه العناصر المتطرفة، التي نشأت في مخيمات تندوف، استفادت من برنامج “عطل في سلام” الإنساني، الذي ينظم لاستضافة أطفال صحراويين في إسبانيا خلال الصيف. هذا البرنامج، الذي كان يهدف إلى تحسين ظروف الأطفال، ساهم بشكل غير مقصود في تمكين بعض هؤلاء الأفراد من إتقان اللغة الإسبانية وفهم المجتمع الأوروبي، مما يجعلهم أكثر قدرة على التأثير أو التخطيط لهجمات في أوروبا.
وتتزامن هذه التطورات مع جهود مراكز أبحاث وشخصيات سياسية أمريكية لإقناع إدارة الرئيس دونالد ترامب بتصنيف جبهة البوليساريو ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، مستندة إلى تقارير توثق تغلغل الفكر المتطرف في مخيمات تندوف. كما أشار تقرير البرلمان البيروفي إلى تورط البوليساريو في أنشطة غير مشروعة، بما في ذلك التعاون مع ميليشيات حزب الله وشبكات الاتجار بالبشر والأسلحة والمخدرات، داعيًا إلى تحقيق دولي عاجل وإدراج الجبهة على قوائم المنظمات الإرهابية.
وتثير هذه القضية مخاوف متزايدة بشأن دور مخيمات تندوف كبيئة خصبة لتجنيد المتطرفين، خاصة في ظل التقارير التي توثق استغلال الأطفال والنساء وسط غياب الرقابة الدولية. ومع استمرار الجزائر في تقديم الغطاء السياسي واللوجستي لهذه المخيمات، يزداد الضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة هذه التهديدات.
وحذرت السلطات المغربية مرارا من تجنيد جماعات مسلحة لعناصر من البوليساريو في منطقة الساحل، حيث كشف مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الشرقاوي حبوب، أن أكثر من 100 انفصالي من الجبهة ينشطون في صفوف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وفي ظل هذه التطورات، تستمر الدعوات لتفكيك شبكات الإرهاب المرتبطة بالبوليساريو، مع التركيز على حماية الأمن الإقليمي والدولي من تهديدات تنطلق من مخيمات تندوف.