مجتمع

حراك ساكنة فجيج ضد خوصصة الماء: معركة من أجل حقوق الإنسان والبيئة

تواصل ساكنة واحة فجيج نضالها المستمر ضد محاولات خوصصة ماء الواحة، في معركة تؤكد على حقوق الإنسان في الحصول على موارد طبيعية بشكل عادل ومستدام، وكذلك على ضرورة الحفاظ على التراث البيئي والتاريخي لهذه المنطقة. منذ أكثر من عام، يخوض سكان فجيج حراكًا احتجاجيًا ضد تحويل مياه الشرب إلى سلعة، وهو مشروع وصفه الكثيرون بأنه يهدف إلى تراكم الأرباح لجيوب الرأسمال المتوحش، على حساب حقوق السكان وأمنهم المائي.

ويندد الحراك بما يعتبره “محاولة لتصفية تاريخ النضال المحلي” ضد الاستبداد وطمس الموروث الإنساني والطبيعي للواحة. حيث تسعى بعض الأطراف، من خلال تفويت تدبير الماء لشركة جهوية متعددة الخدمات، إلى فرض قرارات تعسفية تتجاهل إرادة السكان الذين اختاروا، في إطار ديمقراطي، رفض هذا التوجه.

وقد تدخلت وزارة الداخلية عبر عامل الإقليم في محاولة لتغيير القرار الذي اتخذته المجالس المحلية والسكان، وهو ما يراه الائتلاف الوطني لدعم حراك فجيج بمثابة تجاوز للإرادة الشعبية واستمرارًا لتهميش سكان المنطقة.

وفي إطار دعم هذا الحراك، نظمت عدة هيئات سياسية، نقابية، حقوقية ونسائية، قافلة تضامنية تحت شعار “الصمود، الوحدة والتضامن من أجل الحقوق والكرامة” من 14 إلى 17 نونبر 2024. شملت القافلة عددًا من الأنشطة النضالية التي لاقت استحسانًا واسعًا، بما في ذلك الوقفة الاحتجاجية التي نظمت يوم الجمعة 15 نونبر 2024، والتي كانت بمثابة تذكير أسبوعي بمطالب السكان العادلة. حيث تم التأكيد مجددًا على رفض خوصصة المياه وضرورة الحفاظ عليها كحق عام للجميع.

ومن بين أبرز الأنشطة التي نظمها الائتلاف، كان اللقاء الذي جمع بين نساء فجيج ونساء القافلة التضامنية، والذي شكل فرصة للتبادل حول دور النساء في الواحة، ومعاناتهن اليومية من جراء السياسات الاقتصادية والاجتماعية التهميشية. كما تم تنظيم زيارات للقصور في الواحة بهدف الاطلاع على طريقة تدبير المياه والاطلاع على الموروث الثقافي المحلي الذي تم تكريمه من قبل منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).

كما تم تنظيم ندوة عمومية تحت عنوان “الماء بين السياسات العمومية ومطالب الساكنة”، التي شهدت حضورًا لافتًا من قبل الشباب والنساء، وتناول المشاركون خلالها الجوانب المختلفة لهذا الصراع الاجتماعي والسياسي، حيث خرجوا بتوصيات حاسمة، أبرزها رفض تفويت المياه للخواص وتأكيد أهمية الحفاظ على التدبير الاجتماعي للماء.

وتتمثل أبرز مطالب الحراك في ضرورة الحفاظ على المياه كخدمة عمومية تحت إدارة المجالس المحلية، بعيدًا عن أية محاولة لتحويلها إلى سلعة تروج في السوق. كما يعتبر الحراك أن خوصصة المياه سيؤدي إلى تفكيك التماسك الاجتماعي وتهديد الهوية الثقافية والبيئية للمنطقة، التي طالما عاشت في تناغم مع الطبيعة.

كما يعبر الحراك عن إدانته لأي محاولة لفرض سياسة قسرية تتجاهل إرادة السكان، مؤكدًا أن هذا القرار يمثل انتهاكًا لحقوق السكان في ملكية مواردهم الطبيعية. ويردد المتظاهرون في كل مناسبة شعار “الماء ليس سلعة” كتعريف لموقفهم الراسخ.

ويؤكد الائتلاف الوطني لدعم حراك فجيج على ضرورة تكاتف القوى الوطنية لمساندة سكان فجيج في معركتهم. ويحث جميع المنظمات والشبكات النضالية على دعم الحراك بشكل ملموس من خلال تكثيف التضامن الإقليمي والدولي، سواء على مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أو من خلال محاربة خوصصة الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء.

كما يُشيد الحراك بصمود التنسيقية المحلية التي تواصل الكفاح رغم التضييق والاعتقالات، ويُعرب عن اعتزازه بالتزام النساء الفجيجيات بالمشاركة الفعالة في الحراك، حيث تُعد المرأة الفجيجية أحد الأبطال الأساسيين في هذه المعركة.

يشدد الحراك على أن الهدف النهائي هو ضمان حقوق الساكنة في الموارد الطبيعية وحماية الواحة من التحولات التي قد تقودها إلى حافة الفقر والتدهور البيئي. وفي ختام القافلة التضامنية، تم رفع شارات النصر في وجه سلطة القرار المركزي التي تسعى إلى تدمير النسيج الاجتماعي والثقافي للواحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 − أربعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض