مجتمع

الإدارة الأمريكية تتعقب نشاط الفائزين: تأشيرة “الحلم” تحت المراقبة

في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت الإدارة الأمريكية عن تعاقدها مع مؤسسة مختصة في تحليل البيانات الرقمية، من أجل إجراء أبحاث دقيقة في الحسابات الشخصية للفائزين بـالقرعة الأمريكية (DV Lottery) على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بهدف التحقق من مواقفهم السابقة تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، والكشف عن أي محتوى يمكن اعتباره مناهضًا لسياستها أو مهددًا لأمنها القومي.
الخطوة، التي وصفت بأنها إجراء وقائي استباقي، أثارت موجة من القلق والخوف في صفوف الآلاف من الفائزين بالتأشيرة، الذين باتوا يخشون إقصاءهم في اللحظات الأخيرة، رغم استكمالهم لكافة الشروط المطلوبة للحصول على الإقامة الدائمة، والتي طالما مثّلت لهم حلمًا طال انتظاره.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الشركة المتعاقد معها ستقوم بتحليل منشورات الفائزين على منصات مثل فيسبوك، إكس (تويتر سابقًا)، إنستغرام، تيك توك ويوتيوب، من أجل رصد أي تعبيرات أو تدوينات أو مقاطع مصورة تتضمن انتقادات حادة أو تحريضًا ضد السياسات الأمريكية، سواء في الداخل أو الخارج.
وأكد مسؤول في وزارة الأمن الداخلي، في تصريح إعلامي، أن هذا الإجراء ليس تقييدًا لحرية التعبير، بل جزء من التدقيق الأمني المشروع، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة ترحب بمن يحترم قيمها، وليس بمن يستغل إقامته على أراضيها لمهاجمتها أو تهديد سلامتها.
من جهتهم، عبر عدد من الفائزين في قرعة 2025 عن تخوفهم الشديد من تأثير منشورات قديمة، أو تعليقات غير محسوبة قاموا بها في سياقات سياسية أو اجتماعية سابقة، معتبرين أن هذا الإجراء قد يحرمهم من فرصة العمر، حتى وإن لم يكن لهم أي نشاط معادٍ فعلي.
ويرى آخرون أن هذا التدقيق قد يكرّس الخوف والرقابة الذاتية، ويطرح تساؤلات حول مدى احترام مبدأ حرية التعبير التي تتغنى به الديمقراطية الأمريكية.
في المقابل، شددت الإدارة الأمريكية على أن من يخرق قوانين الهجرة، أو يثبت تورطه في مواقف تعتبرها مناهضة للمصالح الأمريكية، سيكون عرضة لإجراءات صارمة، من ضمنها سحب التأشيرة، حتى وإن حصل عليها عبر المساطر القانونية.
وأكدت أنها ستطبق هذا الإجراء بأثر رجعي أيضًا، ما يعني أن المنشورات القديمة قد تكون سببًا في الإقصاء، إذا ثبت أنها تتضمن محتوى تحريضيًا أو مهينًا للولايات المتحدة.
هذا الإجراء يطرح جدلًا واسعًا حول الحدود الفاصلة بين الحق في التعبير، والحق في حماية الأمن القومي، حيث يرى بعض المحللين أنه امتداد لسياسات رقابية بدأت منذ سنوات في ظل تصاعد التهديدات السيبرانية والإرهاب الرقمي.
في المقابل، يدعو حقوقيون إلى وضع معايير واضحة وشفافة، حتى لا تُستعمل هذه الإجراءات كذريعة لتصفية ملفات مهاجرين بناء على مواقف فكرية أو سياسية لا علاقة لها بأي تهديد فعلي.
في الوقت الذي كان فيه الفائزون بـالقرعة الأمريكية يحتفلون بتأشيرة العمر، وجدوا أنفسهم فجأة في دائرة الشك والمساءلة الرقمية. وبين طموح الهجرة إلى أرض الفرص، والمخاوف من المحاسبة على تغريدة قديمة، تظل تأشيرة الحلم الأمريكي معلقة على خيط رفيع اسمه مراقبة المحتوى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة − 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض