
نفحات رمضانية في رحاب الشعر الملحون – الحلقة 13
يكتبها ل،MCG24 الدكتور منير البصكري الفيلالي/ أسفي
لقد كان لشعراء الملحون اهتمام كبير بآداب حلقات الذكر والإنشاد ، كما كان لهم حضور مستمر في المجالس التي كانت تجمعهم مع العلماء والفقهاء . ولعلنا نجد ذلك واضحا في كثير من صيغ الذكر الواردة في قصائدهم من مثل ، الهيللة والحوقلة والاستغفار والصلاة على النبي بجميع أنواعها . فالذكر عندهم ركيزة أساسية ، وسلاح لمواجهة علل النفس وأهوائها وأعراضها . ومن ثمة ، استطاعوا أن يحققوا لأنفسهم التجرد القلبي ، وأن يعيشوا اللحظات الرمضانية في صحوة روحية عالية .. استقرأوا سطورها واستشعروا تدفقها ، وعاشوا حياة خالية من زيف الأوهام وهوى النفوس . ّ
وإذا كان جل هذه الأذكار يرجع إلى استحضار عظمة الخالق ، فإن مثل هذا الاستحضار ، لا يكون متمكنا في القلب إلا إذا كان الصائم ذاكرا لربه في كل حال .. حتى قيل : إن الذكر على سبعة أنحاء .
ذكر العين ، وهو البكاء ، وذكر الأذنين ، وهو الإصغاء .. وذكر اليدين ، وهو العطاء ..
وذكر البدن ، وهو الوفاء .. وذكر اللسان ، وهو الثناء .. وذكر القلب ، وهو الخوف والرجاء ، وذكر الروح الذي هو التسليم والرضا . يقول تعالى : ” فاذكروني أذكركم ، واشكروا لي ولا تكفرون . ” وقال جل جلاله : ” يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا . ” كما يقول تعالى في الحديث القدسي : ” أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه حين يذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ، ذكرته في نفسه ، وإن ذكرني في ملأ ، ذكرته في ملأ خير منه ، وإن اقترب إلي شبرا ، تقربت إليه ذراعا ، اقتربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة .”
وهكذا ، يبدو كيف عرف شعراء الملحون مكانة الذكر ، فأنزلوه منزلة عالية في نفوسهم وتمثلوه في سلوكهم ، وتمسكوا به في أحوالهم ، ومن هنا جاءت دعوتهم إلى ذكر الله . يقول الشاعر المغراوي في هذا المجال :
شد احزامك ما ابقى امشي ذا الفرجا ضيقها اغشـــــا
اشمعها يكدي من لعشــي واقطوف ازرابي امفرشا
هل الحضرا ايعظموا ويذكروا نعم الرؤوف
ايصلــوا اعـلى خيـر خـلق اللـه المصطفــى