
صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة الثامنة
إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
وتستمر مدينة أسفي في إنجاب رعيل آخر، هيأ لها ظروف الانفتاح والتواصل مع مثيلاتها من المدن المغربية، فكان تاريخها حافلا وزاخرا بغير قليل من الشخصيات التي أنفقت زهرة عمرها في خدمة المدينة وما جاورها. لذلك، ترك هؤلاء الرجال بصماتهم على تاريخ مدينتهم خاصة والمغرب بصورة عامة. كما منحوا لها وزنها المتميز، فكانوا خير خلف لخير سلف. ومن هؤلاء الرجال الذين وصموا تاريخ مدينة أسفي بعلمهم وفكرهم، وساهموا في النهوض بأصالة الهوية الثقافية لهذه المدينة الحاملة دوما لمشعل النهضة والتطور، على الرغم من أنف الحاقدين والماكرين والجاحدين. فأسفي عرفت وما تزال تعرف حياة ثقافية جديرة بالذكر والاعتبار، حياة أوجدها العديد من العلماء والفقهاء الذين ما تزال آثارهم بادية للعيان، وحاضرة في الأذهان. ومن ثمة، يظهر أن هذه الجوهرة الراقدة على شواطئ المحيط الأطلسي (أسفي) أنجبت العديد من رجالات العلم الذين تركوا بصماتهم وإشعاعهم في مختلف المجالات سواء على مستوى المدينة نفسها، أو المنطقة أو المغرب على وجه العموم.. وبذلك استطاعوا أن يجلبوا الأنظار، ويلفتوا انتباه الغير، بما اشتهروا به من علم ومعرفة وخلق سليم.
ومن هؤلاء نذكر:
الفقيه العلامة سيدي الهاشمي، ابن الفقيه العلامة القاضي امحمد بن عزوز الأسفي البلنسي.. إلى جانب تبحره في العلوم الدينية، امتاز بشعور رائق جميل، تطرب له النفوس وتلذ له الأسماع.. ومن شعره:
لـمـا تألــق بــــــرق هاج لهيب غرامـــــي
فلي بلابـل شــــوق إلى ورود الأوامــــــي
بت رقيب نجـــــوم وصرت خلف هيـــــام
اضرم في القلب وجد ودمع طرفي هامــــــي
أطلق لهيب فـــؤادي بعرف زهر الأكـــــــام
وبالصب إذ تهــــب من نحو أرض للتهامـي
سر الوجود محمــد وشمس كـل ظـــــــلام
جلت شمائل أحمــد في مبـدإ واختتـــــــــام…
- العلامة السيد عبد الخالق بن الحاج إبراهيم الحجام الأسفي، تولى الإمامة بالمسجد الأعظم من بلاد أسفي في سائر أوقات الصلوات المفروضة، إضافة إلى الخطابة بمسجد الولي العارف بالله تعالى أبي محمد صالح خلفا للفقيه ابن دحمان قاضي أسفي. وذلك حسب ظهير شريف من السلطان موالى سليمان.. توفي الفقيه السيد عبد الخالق في أواسط ذي الحجة الحرام من عام 1234، الموافق لسنة 1819.
- العلامة السيد أحمد بن محمد المقدم، يكفي أن نذكر أن من شيوخه العلامة ، الشيخ التاودي بنسودة لنعرف قيمته العلمية ودرجة عطائه في مختلف العلوم.. توفي بعد حياة حافلة بالعطاء العلمي سنة 1921. ودفن بضريح سيدي عبد الكريم بأسفي.
- السيد عبد الله بن حمزة بن أحمد الرجراجي، كان رحمه الله إماما بالمسجد الأعظم، له جمع الأذكار، إذ كان من الصالحين الأخيار، ثبتت له كرامات عند الناس، توفي سنة 1840.
- السيد إبراهيم المحتسب سيدي الطاهر الإمام الحسني، كان ناظرا ومؤقتا فقد تولى النظارة على الأحباس سنة 1826، كما تولى التوقيت في ماي 1827، توفي في شهر مارس 1847.
- العلامة سيدي محمد ابن الفقيه السيد عبد الخالق.. كان قاضيا وعالما ورعا، ترك في النفوس أثرا وذكرا حسنا نظرا لما عرف عنه من نزاهة واستقامة وسداد رأي.. وتوفي في أكتوبر 1869.
- العلامة السيد الحاج محمد بن بوعزة الأسفي، تولى القضاء بمدينة أسفي، كما تولى الخطبة بالمسجد الأعظم.
- العلامة المشارك محمد الطاهر بن دحمان الحفيد، له إسهامات قيمة في مختلف مجالات العلم والمعرفة، إلى جانب أنه كان مقدما لرباط الشيخ أبي محمد صالح.. توفي في شهر فبراير 1874.
- السيد عبد الرحمان بن المكي بن عمر بن دحمان الحفيد، كان إماما بالمسجد الأعظم، ودامت إمامته ما يقرب من أربعين سنة، كما كان يتعاطى الشهادة نظرا لما كان يتمتع به من أخلاق عالية، ومستوى رفيع من السلوك الحسن، مما أهله لهذه الوظيفة التي ينذر من يتولى شأنها، لما تتطلبه من كفاءة والتزام. توفي في 1875.
- أبو السرور سيدي البشير بن الطاهر الحكيم الأسفي، رحل إلى فاس لطلب العلم في يوليوز 1874، ولم يعد إلى مسقط رأسه (أسفي) إلا بعد أن غرف ونهل من العلم ما أهله لتولي الإمامة والخطابة بالمسجد الأعظم بعد وفاة الفقيه سيدي عبد الرحمان الحفيد. أحيا الله به العلم في هذه البلدة الأسفية بعد ما كاد ينقطع بها، وكانت له اليد الطولى في العلوم، المعقول منها والمنقول، يدرس في اليوم خمس مرات فأكثر، وكان ذا شجية في النظم، له شرح على المنفرجة لابن النحوي، كما درس صحيح البخاري ومختصر خليل والأجرومية بتمامها، والألفية بكل أبياتها، ورسالة ابن أبي زيد في التصوف، وبذلك كان حجة في مختلف المعارف. توفي عام 1879.
- الأديب السيد محمد بن القائد الطيب بنهيمة، تولى خطة القضاء والحسية بمدينة أسفي، كما كان ينوب عن والده في الحكم.. دون أن يؤثر ذلك على مجال التدريس الذي برز فيه من خلال تلقينه لمختصر خليل وغيره.. توفي في غشت 1884.
- الفقيه السيد الحاج محمد بن التهامي لعفو.. طلب الفقه وقرأ على يد غير قليل الفقهاء المبرزين في هذا الصنف من العلوم.. توفي سنة 1905.
- العلامة أحمد الصويري التناني أصلا الأسفي، كان الغالب عليه علم العربية، يحسن تدريسها ويجيد تقريرها، ألف عدة تآليف، منها شرحه على البردة، وآخر على الأجرومية، وآخر على الزقاقية في نحو أربعين كراسا، وأجوبة وخطب نفيسة، كما كان يتعاطى الفتيا والشهادة، ونذكر أنه كان أيضا إماما بجامع الشيخ أبي محمد صالح إلى أن توفي سنة 1917 ودفن بروضة رباط الشيخ.
- السيد الحسن بن الحاج أحمد بن الحسن، كان يتعاطى الفتيا، وهي مهمة لا ينهض بها إلا رجل متمكن وعلى مستوى عال من العلم، إضافة إلى ما ينبغي أن يتحلى به من نزاهة وسلوك رفيع. توفي سنة 1917 ودفن بصحن ضريح جده الشيخ أبي محمد صالح.
- العلامة محمد بن عبد الرحمان الروداني، وكان هو الآخر يتعاطى الفتوى والشهادة، توفي في نونبرمن عام 1917 ودفن بأسفل روضة أشبار بأسفي.
- العلامة الفقيه السيد عبد الرحمان المطاعي، أخذ عن مجموعة من العلماء الأكفاء، نذكر منهم: السيد كنون صاحب الاختصار، ومولاي عبد المالك الضرير، وسيدي محمد القادري وسيدي المدني بن جلون، وسيدي المهدي بن الحاج، وسيدي بوبكر بناني وسيدي الطيب بن كيران وسيدي المهدي الصقلي وسيدي أحمد بن سودة وسيدي الحاج محمد بن سودة مولاي احمد المدغري والشريف سيدي ملوك…
فهو شيخ الجماعة بأسفي، درس المختصر الخليلي والموطأ والألفية ونحو الثلثين من صحيح البخاري وتفسير الجلالين بأكمله.. كما كان خطيبا وإماما وواعظا.. توفي في دجنبر 1978.
- سيدي محمد بن أحمد التريكي، روى عن العلامة السيد البشير الحكيم والقاضي سيدي محمد بن عبد الواحد الفيلالي وعن الحاج محمد كنون والحسن بن قدور الذي أجازه إجازة مطلقة.. وتوفي في شهر ماي 1927.