ثقافة

صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 51

إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي

الحاج محمد اعبيد .. ما ذا يمكن للإنسان أن يقول عن هذا الرجل الذي ملأ أسماع ساكنة أسفي؟
لعل ضوء الشمس المتسلل من النوافذ الخارجية، والأبواب العامة، قد تسلط على الراحل الحاج محمد اعبيد، وعكس ذلك الضوء الذهبي المشرق على مواقع جديدة وكثيرة لم تشرق عليها الشمس بإشعاعها وخيوطها الذهبية لتنتقل إلى كل أفق أفكار وأعمال هذا الرجل من رجالات أسفي عبر التاريخ ، مما كان له مكان الإعجاب والدهشة لدى من شملهم ضوء الشمس .
الحاج محمد اعبيد، ثروة وطنية غالية، فهو ممن حفروا في هذا الوطن نفقا للعمل الجاد الدؤوب خدمة للبلاد والعباد.
استطاع هذا الرجل النفاذ من خلال الحواجز المنيعة والمعاناة الصعبة المتمثلة في أحضان أسرة فقيرة، كانت تكابد في حياتها اليومية غير قليل من العوز وشظف العيش، إضافة إلى فقدان الوالدين وهو في سن مبكرة، ليجد نفسه وحيدا أعزل مضطرا إلى تدبير عيشه، يشتغل ليل نهار، يواجه الأخطار التي تعترض سبيله بكل إرادة وصبر وقوة وشجاعة وحماس .. باحثا عن طريق للخلاص من قساوة الحياة. وفعلا، استطاع الحاج محمد اعبيد تجاوز كل العراقيل، ولم يستسلم للواقع الصعب الذي كان يعيشه .. فكان أن حقق ـ بفضل طول صبره وطموحه وكده واجتهاده ـ حضورا متميزا من الشهرة، ليتربع على مقاعد العظماء من الرجال الذين عملوا بجد وحزم بغية النهوض بوطنهم على المستوى الاقتصادي والتجاري، باحثا عن الثروة بين مختلف الثروات الميتة والحية، من منطلق معالجة ذكية وواعية بتدبير جيد وطرق وأساليب وأفكار، لدرجة أن أصبح هو نفسه ثروة غالية ومهمة في مجتمعه، يبني ويشيد ويستثمر ويقيم علاقات اقتصادية مع اليابان وغيرها من الدول .. ولأنني لا أعرف كيف تركب المواد بالطرق والأساليب الكيميائية، لا أستطيع أن أبين بوضوح كيف يظهر اللمعان على المادة المعتمة أو القاتمة بعد أن كانت مغمورة؟
   
إنني من يجهلون هذا النوع من العلم رغم دراستي له دراسة متواضعة في مراحل التعليم العام. وهذا السلوك لا ينقص من قيمة المرء متى عرف قيمته. وكما أن ضوء الشمس يذيب الثلج، فإن ضوء شمس وقوة شخصية الحاج محمد اعبيد أذاب الكثير من التراكمات والقمم الثلجية الشامخة. وندما نقول هذا الكلام، نقصد طموح الرجل اللامحدود في خلق إقلاع اقتصادي وعمراني لمدينته أسفي منذ مطلع ثلاثينيات القرن الماضي بعد أن كانت المدينة لا تقوى على النهوض بما حباها الله من خيرات في البر والبحر، لدرجة أنه لم يقصر جهوده فقط على مدينته، بل امتدت جهود البناء والعمل  في مختلف المشاريع في مدن الدار البيضاء وأكادير ومراكش، إلى عقد اتفاقيات مع كبرى الشركات الدولية شرقا وغربا . إضافة إلى امتلاكه لشخصية مرنة ومتفتحة على العصر وبكل ما فيه من جديد في عالم التكنولوجيا .. مما جعله يشد الرحال إلى العديد من البلدان كاليابان وإسبانيا وفرنسا وبلجيكا والبرتغال وألمانيا والدانمارك وكندا والولايات المتحدة الأمريكية والتايلاند وغيرها من البلدان، كل ذلك بهدف إبرام صفقات تجارية ومالية أكسبته تقديرا وقوة وحضورا متميزا داخل المغرب وخارجه.
 
لا أحب أن أطيل القول، بل إن كل واحد منا سيرى كيف استطاع الحاج محمد اعبيد أن يصل إلى إمكانية خلق الثروة .. فبالعمل الدؤوب والبصيرة الثاقبة والصبر على التحمل وبذل الجهد، والاستقامة والنزاهة، والجد والاجتهاد .. يستطيع الإنسان أن يكون ما يشاء وينال عمادة المجد والشهرة عبر عمله الجاد والمتواصل، وعبر ذكائه وفهمه الثاقب وخبرته الحياتية المتنوعة الشاملة. وهذا رأي الكثيرين من الذين عرفوا الحاج محمد اعبيد وشهدوا أعماله وأكدوا عبقريته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض