ثقافة

صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 52

إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي

الحاج محمد اعبيد : (تتمة )
  
إن كل من يتحدث عن الحاج محمد اعبيد ، ينطلق لسانه ولا يقف ، ولا يستطيع أحد إسكاته، نظرا لما كان يتمتع به هذا الرجل من مكانة متميزة ، ونظرا كذلك لما كان يتمتع به منتقدير وهيبة لدى كل الناس، كبيرهم وصغيرهم، خاصتهم وعامتهم ومن كل الأجناس والديانات .. فكنت ترى الجميع يحترمونه من مغاربة مسلمين ويهود، ومستوطنين فرنسيين وإسبان وبرتغاليين ، تقديرا منهم لقوة شخصية هذا الرجل وحسن خلقه وعظيم أعماله“.
نعم ، فالحاج محمد اعبيد شعلة ملتهبة لا تنطفئ، وهذه الشعلة المضيئة جاءت بعد اشتعال الشمعة التي احترقت لتضيء الطريق لغيرها . هذا هو الحاج اعبيد كالشمعة، احترق وأضاء الطريق لجيل كامل ، أدرك قيمة وشموخ الرجل.
  
إن الحاج اعبيد قمة جبل، تظهر زينتها بتجردها الطبيعي، لا يستطيع أحد أن يقتحمها ، فهي شامخة ثابتة لا تهزها العواصف والرياح . هكذا كنت دائما أرسم لهذا الرجل مثل هذه الصورة حين يتحدث عنه كل من كانت له به صلة، فأزداد تهيبا من شخصيته فأكن له ذلك التقدير الذي كان يستحقه رحمه الله. فللإنسان قلب حي، فإن توقف ذلك القلب الحي ، توقفت معه حياة الإنسان .. ليرحل عن هذه الدنيا إلى الحياة الأخرى، ويبقى السؤال بعد رحيله، ماذا عساه ترك من عمل صالح أو سيرة حسنة؟. والحقيقة أن الحاج محمد اعبيد قد ترك ثروة ومجدا رفيعا يسمو باسمه مدى صلاحية هذه الأرض ومدى بقاء التاريخ واستمراره.
أعتقد أنني لم أقل ما فيه الكفاية عن هذا الرجل الكبير .. بل يجب ان أفهم أنني لا أستطيع أن أعطيه حقه من التقدير والكفاية والبحث ..وحسبه أنه نال الكثير من التقدير والاحترام جراء الخدمات الجليلة والأعمال العظيمة التي أفنى شبابه من أجل تحقيقها للبلاد والعباد سواء في مدينة أسفي او في غيرها . فاكتب أيها التاريخ أن هذا الرجل من رجالات أسفي قمة شامخة في مدينتنا ، بل في غير قليل من بلاد العالم .
وليعلم من لا يعلم أن مدينة أسفي التي أنجبت الحاج محمد اعبيد وغيره من رجالاتها ، أنها منبع الخير وأصل كل جود ، ومنبع خصب لرجال أفذاذعاهدوا الله على ما هم عليه ، فمنهم من قضى نحبه ، ومنهم من ينتظر ، وما بدلوا تبديلا ” .. فطالما أخرجت هذه المدينة رجالا حملوا راية وشعلة العلم والعمل ، وأناروا بتلك الشعلة الطريق السليم لمن ضله ، حتى وصلوا الطريق الحق وتعمقوا فيه .. وهؤلاء الرجال هم نتيجة حتمية لإنجاز نابع من خلق نبيل وأصالة محتد ، وطهر نظيف .. أولئك الرجال هم نسيج من الشرف والبذل والكرم والجود بالنفس والكفاح البريء ، بل هم منهج مستقل لكل إنسان يناضل من أجل حياة كريمة ملؤها الوفاء والإخلاص في العمل .
   
ويكفينا أن هذه العناصر مجتمعة ، إنما هي لوحة شرف لنا جميعا . فقد أثبت الحاج اعبيد انه ملاح ماهر في بحر هائج يفيض بالأمواج التائرة التي تبحث عن مكان لتستقر فيه.
لذلك ، كان لا بد من الاعتزاز بمثل هذا الرجل ، رجل يمتلك ميزة التحليل وقوة التفسير والاستنتاج . وهذه هي الإيجابية التي يجب أن يتحلى بها الإنسان ليقنع بها غيره .إن الحديث عن الحاج اعبيد لا يمكن أن يستوعب هذا القليل في حقه .. فقد اجتمعت فيه أمور أخرى. فهو وطني كبير ، برهن على وطنيته الصادقة في غير قليل من الأحيان ، وذلك من خلال المساعدات القيمة التي كان يقدمها بسخاء كبير للوطنيين .
 
فالكتابة عن الحاج محمد اعبيد ، تدفع إلى الإحساس وبعمق أننا يجب أن نقول شيئا ضروريا بالنسبة لعبقرية الحاج اعبيد ، وهو أكثر ضرورة للشباب الطموح الذي يسعى لتحقيق طموحه ويضيف إلى حياته نبضا حيا ، وهو أن حياة الحاج اعبيد ، حياة خصبة يمكن أن تشكل مجالا للتفكير والتمعن ، كما يمكن أن تكون درسا رائعا في فهم خبايا الحياة.  فما أجدر شبابنا اليوم من أن يأخذوا العبرة من حياة هذا الرجل العصامي ويشقوا طريقهم ليحققوا آمالهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

9 + ثلاثة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض