ثقافة

صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 70

إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي

بعد تقديم وثيقة الاستقلال، سيترسخ هذا الحس الوطني لدى السي عبد الرحيم الوزاني وهو في العاشرة من عمره. فقد عاين غير قليل من الكتابات على الجدران، تدين الاستعمار وتطالب بالاستقلال، إضافة إلى أن بيت والده كان قبلة للوطنيين، مما جعله يكره وجود الاستعمار الفرنسي الذي كان يجثم بكل ثقله على قلوب المواطنين. ومن ثمة ، سيفتح أمامه بداية من شهر فبراير 1951 مجال أوسع للاشتغال في العمل الوطني المنظم ، وذلك من خلال انخراطه الفعلي ضمن تشكيل فرع حزب الاستقلال بأسفي، وسينخرط مباشرة في لجنة المسيرين بإشراف من الفقيه عبد السلام المستاري بمدرسة النهضة، إذ أصبح كاتبا لها. والجدير بالذكر أن هذه المرحلة كانت غنية بغير قليل من الأحداث التي عاشتها مدينة أسفي في المجال الوطني، منها إضراب 30 مارس 1952 الذي شل الحركة في المدينة، ثم هناك أحداث دار الباشا (الطاهر المقري) التي كان لها أثر جد سلبي على مسيرة الحركة الاستقلالية بأسفي. فكل هذه الأحداث التي عرفتها مدينة أسفي، تعتبر شاهدا إلى جانب شهادات أخرى كثيرة على ما لهذه المدينة من سبق وريادة في مختلف الحالات الوطنية .. وعلى ما بذله أبناؤها من تضحيات جسام لتحقيق الحرية والاستقلال.
بعد استقلال المغرب، استمر السي عبد الرحيم الوزاني في نضاله الوطني، فعين كاتبا للشبيبة الاستقلالية إلى حدود 1958، ثم مفتشا للحزب  ما بين 1980 و 1990 .
هذه بعض سجايا الأستاذ الجليل السي عبد الرحيم الوزاني أمد الله في عمره .. وهذه أيضا بعض الجوانب من شخصيته يكسر بها حواجز فوارق السن والثقافة والسياسة والتربية والمكانة الاجتماعية بينه وبين مجايليه، مربيا وموجها ، بشوشا يجذبك بابتسامته ويقربك بلطفه ويقنعك بحديثه ، ويوقد فيك جذوة الحماس بخطبته الجمعية، ويزرع فيك الأمل، كما يحيي فيك جذوة الجد والاجتهاد .
وإذ أنسى، لا أنسى حين كنت ابعث غليه بمجموعة من طلبتي الذين كانوا يحضرون لمشروع نهاية الدراسة، وذلك للاستفادة من علومه ومعارفه، والارتواء من معلوماته وأفكاره وآرائه .. فكان يستقبلهم بوجه طلق بشوش، يعرض أمامهم الوثائق والمستندات ويضيف إليها الكثير من أحاديثة النيرة استكمالا للفائدة والتحصيل الجيد . فلا شك أن هؤلاء الطلبة مدينون لهذا الرجل من خلال تعامله معهم .
والحقيقة أنه يطول الحديث عن شخصية الأستاذ عبد الرحيم الوزاني لمزيد من إبراز مكانته وما ينبغي له من تقدير واعتبار. فعلى الرغم من أن جوانب حياته ونضاله متنوعة ومتعددة، لا يتسع المجال للوقوف عندها وتتبعها .. فهو إلى جانب ذلك كله شخصية متميزة بقوة الطموح والعزيمة واستقامة السلوك، وصدق الوطنية وصفاء النفس وحيوية الضمير وصلابة الموقف، إلى طلعة مهيبة تعلوها سمات الجد والوقار.
إنها مجرد لقطات سريعة عن حياة رجل من رجالات أسفي، ندر حياته لخدمة مدينته ووطنه، لعلها تكون مغرية بمواصلتها لمزيد من البحث والتقصي في حياة الأستاذ عبد الرحيم الوزاني الحافلة، وما له من آثار لم تنشر، إذ الحاجة ماسة إلى ما يلقي الضوء على حقائق المرحلة التي عاشها، ومن خلالها ما عرفته مدينة أسفي من أحداث ، وما للرجل من إسهامات في مجال البحث التاريخي بالمدينة وحفظ ذاكرتها.

انتهى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إحدى عشر + واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض