المذهب المالكي في المغربسلايدر

المذهب المالكي في المغرب.. مدرسة تربوية إصلاحية ساهمت في بناء الشخصية المغربية – الحلقة الخامسة

إعداد : الدكتور منير البصكري ـ أسفي

وعمل أهل المدينة ـ كما أشرنا سابقا ـ هو الصورة العملية التطبيقية للشريعة الإسلامية، وهو منهج في التفقه والاجتهاد يدل على حصافة فكره وبعد نظره، وفيه مع ذلك المخرج من الضيق والحل للمشكل بحكم ما يفرضه التطور من أقضية وأوضاع، فارتبط بذلك كل الارتباط بالحياة العملية ، فكان أقرب إلى واقع الناس وأدخل في حياتهم وتصرفاتهم ، فأمدهم بكثير من الأحكام العملية التي كانت قائمة. إضافة إلى ما سبق، نلاحظ تجدد المذهب باستمرار ، باعتماده على مبدأي المصالح المرسلة وسد الذرائع وما ينبثق عنهما من مرونة وقابلية للتكيف مع أية بيئة وفي أي عصر ، مع إيجاد الحلول لكل القضايا والنوازل الطارئة .
وهكذا مثل المذهب المالكي في المغرب منهجا سليما لفهم الإسلام وتطبيقه ، مما كان له أكبر الأثر على سلوك المغاربة . فهو مرجعيتهم في أغلب مناحي الحياة المجتمعية لعدة قرون .. تجلى ذلك في مجال القضاء والتشريع وإدارة الدولة ، طبعا مع مراعاة أعراف المجتمع المغربي وتقاليده وتنوعه . وفضلا عن ذلك كله ، ساهم فقهاء المالكية بقسط كبير في سد أبواب الفتن ، كما ساهموا في الحفاظ على الوحدة الوطنية ومعالجة غير قليل من القضايا كمواجهة الغزو الأجنبي ، سالكين في ذلك الوسطية والاعتدال والمحافظة على المصالح العامة .
ومن هذا المنطلق ، ترسخ المذهب المالكي في بلادنا وأصبح دعامة مهمة في تكوين شخصيتنا المغربية ، واليوم ـ ولله الحمد ـ ما يزال هذا المذهب بحكم وسطيته واعتداله وبساطته ، مستقرا في نفوس المغاربة ، ممتزجا بطبيعتهم وسلوكهم ، مستثمرين منهجه لاستيعاب مختلف المستجدات .. فكان المذهب المالكي بالنسبة لهم أحد مكونات الهوية الحضارية للمغرب .
فهل نحن اليوم بحاجة أكثر مما سبق إلى المذهب المالكي بغية الاستفادة منه ، في ظل مجموعة من الانحرافات التي باتت تهدد كياننا وهويتنا وشخصيتنا المغربية ؟
سؤال نتمنى أن نتوفق في الإحاطة بمختلف جوانبه في حديث الجمعة القادم بحول الله وقوته

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية − ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض