ثقافة

صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 92

إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي

الأستاذ الفنان عبد الرحمان الوزاني
رجل أحبه الجميع، حيث اجتمعت فيه كل الخصال الحميدة، فهو أستاذ ومربي الأجيال وفنان موهوب وقيدوم الموسيقيين بمدينة أسفي.
ينحدر السي عبد الرحمان من أسرة عريقة ساهمت في نشر العلم والتدين ومحبة العلماء والفضلاء .. ولد بأسفي يوم 21 دجنبر عام 1928 بدرب سيدي عبد الكريم بالمدينة العتيقة  وقد حرص والده السي عبد السلام الوزاني الفقيه المدرس النبيه العالم العلامة ـ حسب شهادة الفقيه الكانوني في كتابه “جواهر الكمال في تراجم الرجال” ـ على أن يتلقى ابنه عبد الرحمان تربية قويمة تجمع بين غير قليل من الصفات الحميدة التي يمكن أن تؤهله في حياته. وكلها صفات جعلت منه رجلا لين الجانب، عطوفا كريما، عزيز النفس، لا يحب الكآبة في الطبع، يقظ الوجدان، يتمتع بذكاء كبير ونجابة واضحة .. وهذا أهله ليكون مربيا ناجحا وفنانا مرهف الشعور والإحساس.
وكغيره من أبناء أسفي، التحق في أول أمره بكتاب الفقيه الأجل، محمد الهسكوري بدرب “بوجرتيلة” بالمدينة العتيقة بغية حفظ القرآن الكريم .. وبالزاوية القادرية، وبعد قراءة الحزب، كان السي عبد الرحمان يتلقى دروسا في اللغة والفقه على يد الفقيه الهسكوري.
وتشاء الظروف أن ينتقل مع أسرته إلى تطوان سنة 1936 وهي السنة التي عزم فيها والده على الذهاب إلى المشرق لأداء فريضة الحج. وفي تطوان، التحق بالمدرسة الأهلية ثم ما فتئ أن عاد مع أسرته إلى أسفي ليتابع دراسته الابتدائية بالمدرسة الإسلامية للبنين المعروفة اليوم باسم “مولاي يوسف” التي تم تأسيسها عام 1932 من طرف المستعمر الفرنسي آنذاك . وكانت تضم نخبة جيدة من الأساتذة الأكفاء المشهود لهم بالجدية والاستقامة والنزاهة وحب المهنة .. نذكر منهم السيد لوستو والسي بوبكر التريكي والسي امحمد كزوز المشهور بمسيو مولاي ومدام دو فرانكي والسيد فارس الجزائري والسيد لحسن كمامي وغيرهم .. بعد ذلك ، التحق السي عبد الرحمان بمدرسة الفقيه الهسكوري لاستكمال دراسته ، وفي الآن نفسه ، عهد إليه بتدريس مادة الرياضيات واللغة العربية لحاجة المؤسسة إلى من يقوم بتدريس المادتين المذكورتين من جهة ، ولأن السي عبد الرحمان كان مؤهلا لهذه المهمة نظرا لتمكنه وتفوقه ونجابته .. ذلك أنه لم يكتف عند حد ما تلقاه ، بل عكف على دراسة بعض العلوم ، كما انكب على مطالعة كتب الأدب وعني بما يمس الأخلاق وعلم النفس والتاريخ .. وقد ساعدته هذه التكوينات في مرحلة لاحقة للتدريس بمدرسة ” بياضة ” قسم البنات ، كان ذلك عام 1956 .  وبعد سنتين اجتاز امتحان الكفاءة في التربية بمدينة مراكش عام 1958 ليتم تعيينه كمدرس بالتعليم الابتدائي ، ثم التعليم الثانوي بمؤسسة ابن خلدون بأسفي التي أسست عام 1948 . وبقي بها مدرسا طيلة خمسة وعشرين سنة لمجموعة من المواد كالتربية الإسلامية والتربية الوطنية واللغة العربية والتربية الموسيقية إلى أن أحيل على التقاعد عام 1988 بعد ان أمضى ردحا من الزمن في مجال التربية والتعليم ، أدى واجبه في التدريس ، حيث قطف تلاميذه من ثماره علما وأدبا وثقافة غزيرة في رغبة ونهم ، مستوليا على قلوبهم ومسيطرا على عقولهم بحلمه وورعه ورقيه،  فكان نموذجا للمربي الكفء، فدل ذلك على عظيم همته وقوة إرادته ونبل أخلاقه.

يتبع …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض