أدب الحجازيات في الشعر الملحون

أدب الحجازيات في الشعر الملحون – الحلقة الثامنة

إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي

فأية رحلة أجمل من أن يبدأ الإنسان بأداء مناسكه بعد أن يغتسل ويتطيب ويتجرد من كل مخيط من الثياب، وأن ينوي الحج بقلبه ولسانه، ثم يطوف بالبيت طواف القدوم سبعة أشواط .. ثم يخرج إلى السعي من باب الصفا ويسعى بين الصفا والمروة سبعا ، ويخرج في اليوم الثامن إلى منى ويستمر فيها إلى أن تطلع الشمس ، فإذا طلعت سار متوجها إلى عرفات فيقف بها، ويلجأ إلى الله وحده بخالص الدعاء، ويستمر هناك إلى غروب الشمس .. فإذا غربت اتجه إلى المزدلفة يجمع منها الجمرات ويصلي فيها المغرب والعشاء جمع تأخير، ثم يسير إلى المشعر الحرام ويدخل منى بعد طلوع الشمس ، فيرمي جمرة العقبة مكبرا ومهللا ، ثم يذبح الهدي ويحلق رأسه، ويسير بعد ذلك إلى مكة لطواف الإفاضة .. إلى غير ذلك من المناسك الواجب القيام بها أثناء الحج .
إن شاعر الملحون بما وهبه الله من قدرة على الوصف ، استطاع أن يبرز في قصائده كيفية أداء هذه المناسك على حد قول أحدهم :
يا سعد من اوقف في عرفة لبى واطلب نعم الخافي
لخطيب راكب أمن الشرفا ادعوت جميع اتوافـــي
واصفــوف واقفا مختلفـــــا اكسات الوعر وفيافــي
بعد الغروب جاوا المزدلفا لها ايروح في موضع يعرف
القطوا احجار صغار أنظيفا
بها امكلفين بشد التكـــلاف أمنى إيجيوها بخلاك اشغيفا
فيها ايعيدوا ويكلعوا لتقاف
حلقوا وقلموا جملا في طهجا لبسوا اثيابهم ليس بقى تحراج
رجعوا ابشوقهم ونالوا بهجا

يا فوز من احضر في منى وغنـم بـالـرضى سلــــوان
للعيد خرجوا في تزيينــــا بعد الصلا أرجموا شيطان
وجلسوا كيف جالس انبينا أيـام جيـــم فـي تبيــــــــان …
ولا ينبغي أن يغيب عنا أن جل شعراء الملحون كانوا من الحرفيين ذوي الدخل المحدود جدا .. لذلك ، لا تتوافر لديهم الإمكانات الكافية للقيام بفريضة الحج على الرغم من شعورهم الفياض نحو بيت الله الحرام ، وكذا حبهم الدفين لنبي الهدى والرحمة . ومع ذلك نجدهم يسعون إلى التخفيف من لوعة أشواقهم ورغبتهم في تحقيق تلك الأمنية الغالية .
فيعمدون إلى اتخاذ وسيلة تقربهم من مناهم ، حيث يكتفون بإرسال مبعوث يحمل معه كتابا للرسول صلى الله عليه وسلم . وهذا النوع من القصائد يسمى : ” المرسول ” كما ذكرنا في حلقة سابقة . وهذا نموذج لابن علي المسفيوي ، يقول في مطلع قصيدته :
من الغرب أتسير بلكتاب يالمرسول وصلو لمحمد طه خاتم الرسالا ..
بعد ذلك ، يشير الشاعر على مرسوله بالطريق الذي ينبغي أن يسلكه للوصول إلى البقاع المقدسة ، مع تحديد دقيق لكل المحطات التي يمكنه أن يتوقف بها . فهو في البداية يوصيه أن يتجنب الصحراء لقلة الماء وصعوبة الطريق ، كما ينصحه أن يسلك طريق الساحل وأن يظل مع ركب الحجاج .. يقول :
لا تفرق الحجـاج اتنـال كل تقـــــراب في اجمعهم تدرك لمراد دون ريبا
جنب الصحرا تنجا من هول واشغاب قلت الما فيها واطريقها اصعيبــــا
أعلى اطريق الساحل تغدا وصغ للقول رايد النصحك بحديثي افد لمقـــالا
واش رشفوا من لا رشفوا أفخير لبيــار بير زمزم لعذيب امطهر السيــاري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة + عشرين =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض