
أدب الحجازيات في الشعر الملحون – الحلقة التاسعة
إعداد : الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
ونحن نتحدث عن الوسائل التي كان تسعف شاعر الملحون حين يتعذر عليه الذهاب إلى البقاع المقدسة، من خلال قصائد تترجم الحالة النفسية التي خيمت على أحاسيس الشاعر، فكانت قصائد “المرسول” و”المرحول” و “الورشان” و ” الحمام” .. وعطفا على ما أوردناه في الحلقة السابقة ، فإننا نجد في هذه القصائد ما يكشف عن الشوق المبرح للشاعر ، حيث يرسل طائرا إلى الأماكن المقدسة يحمل رسالته للرسول صلى الله عليه وسلم ، مارا بالمراحل نفسها ومزودا بالتوصيات التي ينبغي لطائره أن يعمل بها إلى حين وصوله لتلكم الأماكن. وهو ما يسمى عند شعراء الملحون ب “الحمام”. ونمثل لذلك بقصيدة الشاعر الحاج ادريس لحنش التي تعرف ب “حمام المدينة” والتي يقول في حربتها :
هاك اكتابي يا حمام المدينــــا من أرض فاس سير اتزور المدني
أوقف فالشباك الشريف الزاهر والق اكتاب للماحي تاج انصــــارو
تم قل أشافع لعبـاد الطـاهـــــر هذا اكتــاب عبد امثقــل بـــــوزارو
محبوس امقيد فاجرايمو لكبار يرجـا اشفـاعتـك فليلـو ونهــــــارو..
من هذه القصائد أيضا ، مرحول الحاج عمر المراكشي الذي يقول في حربته :
أولد الحمام أدي لأي عنواني للصادق لمصدق رسول الله
أما إذا أتيح للشاعر أن يحج إلى بيت الله الحرام، فهو لا ينسى تخليد ذلك في قصائد رائعة، يتخذها كرسالة إلى أحبته وأهله من مكة المكرمة إلى المكان الذي يقيم به في بلاده (المغرب).
وهذا نموذج نسوقه من قصيدة بعث بها الحاج محمد بن علي المسفيوي من مكة إلى مدينة أسفي، يقول فيها:
يا مرسولي بالكتاب سيــــر واسمع ليا لمواهب الشعــــار
النصحك من داخل الضمير ونرشـــدك لمناهج الســــــرار
لا ينـك مفتــاح كـل خيــــر شخصتك من خالص الافكـــار
با فراقك هيهات ما نطيق يا وسناني كـن أفقـولي راسـخ أفطيـــن
أقصد للروضة وزور نعم المدانـــي واطلب نعم المالك المعـــيـــن
ودع هـل لبقيــع كلهــم ابـترتيبــــــا واتهيـأ واخـرج علـى البـاب
خذ أكتاب يا رسول وغدا من طيبــا سلم فسفي أعلـى الحبــــــاب .
وهو لن يترك مرسوله يذهب دون أن يذكره أولا بالكيفية التي ينبغي أن يؤدي من خلالها مناسك الحج من أولها إلى آخرها. وحين ينتهي من ذلك، يطلب منه التوجه توا إلى بلاده لإبلاغ سلامه وتحياته من أرض البقيع إلى كل الأهل والأحبة، مذكرا إياه بالطريق الذي ينبغي أن يسلكها، داعيا له بالنجاة، مزودا إياه بالنصائح . يقول شاعرنا:
خب أجدد فالمسير توصل لبــــــلاد يهنا بالك تم ينسعـــــــــــــــد
يلقاوك ناس لحسان لحباب اسيادي بغوايط وطبول ترتعــــــــــد
أقصد لرجال لبلاد غايت ـــــمرادي زور أتفوز أبغايت القصــــد
كان إقول لك لاش طولــت الغيبــــا لهم قول أسريع فالجـــــواب
أمحبت عين الوجود فالذات انشيبا عن زورتكم طلقت الحجـــاب
فمقام طالب الغني إسها لعكيســــا يضحى لي في غربتي أونيسا
كان إقولوا قل اين علي ساكن طيبا إسلم عنــــكم أفلكتـــــــــــــاب
فالروضا يدعي ألكم بخلاك أرهيـبــا يجعلكـم طـول البـــدا أحبـــاب
خذ أكتابي يا رسول وغدا من طيبا سلم فسفي أعلى الحبـــــــــاب ..