
المصادقة على مشروع قانون لتنظيم مهنة المفوضين القضائيين
صادق مجلس الحكومة، خلال اجتماعه المنعقد يوم أمس الخميس، على مشروع قانون رقم 46.21 المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين، وهو المشروع الذي قدمه وزير العدل عبد اللطيف وهبي، المشروع يهدف إلى تحسين تنظيم هذه المهنة من خلال إدخال عدة تعديلات هامة على الإطار القانوني المنظم لها، لتواكب التطورات القانونية والإدارية بالمغرب، ويهدف إلى تعزيز فعالية المهنة وتوسيع نطاق خدماتها.
توسيع دوائر الاختصاص لتعزيز الفعالية
من بين أبرز التغييرات التي قدمت عبر مشروع القانون الجديد، توسيع دائرة اختصاص المفوضين القضائيين من اقتصارها على المحاكم الابتدائية لتشمل محاكم الاستئناف، مما سيتيح لهم مجالاً أوسع لممارسة مهامهم، ويأتي هذا التعديل لحل العديد من الإشكالات التي نتجت عن التداخلات بين التقطيع الإداري والخريطة القضائية للمملكة، والتي أثرت في صحة الإجراءات التي ينفذها المفوضون القضائيون عند تداخل دوائر الاختصاص.
وفقًا لنص المشروع، يشمل نطاق العمل الجديد للمفوضين القضائيين دوائر محاكم الاستئناف، ما سيعزز من وضوح وسلامة الإجراءات القانونية، وفي حال تجاوز المفوض القضائي اختصاصه الترابي، سيتم إلغاء تلك الإجراءات وفرض عقوبات تأديبية عليه، مما يرسخ مبدأ الالتزام بالقانون والانضباط المهني.
رفع مدة التكوين وإنشاء معهد للمهن القضائية
يشمل مشروع القانون أيضًا الرفع من مدة التكوين المخصصة للمفوضين القضائيين، إذ ستنتقل مدة التكوين من ستة أشهر إلى سنة كاملة، والهدف هذا من هذا التعديل هو توفير تكوين أكثر عمقًا وشمولية للمرشحين، بما يساهم في تطوير مهاراتهم وزيادة كفاءتهم في أداء مهامهم.
بالإضافة إلى ذلك، سيتم إحداث معهد للمهن القانونية والقضائية، سيكون مسؤولاً عن تكوين المنتسبين لهذه المهن، بما في ذلك المفوضون القضائيون، وسيكون التكوين المستمر حقًا وواجبًا على المفوضين القضائيين، حيث سيتم إخضاعهم لدورات تدريبية منتظمة لتحسين أدائهم المهني، المفوضون الذين يتخلفون عن حضور هذه الدورات بدون مبرر قد يتعرضون للمساءلة التأديبية، مما يعزز من أهمية التكوين المستمر في ضمان جودة الخدمات المقدمة.
إدراج خدمات المفوضين القضائيين ضمن الخدمة العمومية
في خطوة تهدف إلى تعزيز دور المفوضين القضائيين في المنظومة القضائية، نص مشروع القانون على إدراج خدماتهم ضمن الخدمات التي تدخل في حكم الخدمة العمومية، هذا يعني أن الخدمات المقدمة من طرف المفوضين القضائيين ستصبح جزءًا من البنية العامة التي تخدم المواطنين بشكل مباشر، مما يعزز من الثقة والشفافية في أداء هذه المهنة.
كما تم تنظيم مسألة تغيب المفوضين القضائيين لأسباب مبررة، مثل وجود عائق مؤقت أو لظروف قاهرة، حيث سيتم تكليف مفوض قضائي آخر من نفس دائرة المحكمة الابتدائية لتسيير مهام المكتب خلال فترة الغياب، ما يضمن استمرارية الخدمات القضائية دون انقطاع.
آجال الشروع في ممارسة المهنة وتفادي التأخير
من بين النقاط المهمة التي عالجها المشروع، تحديد الأجل الأقصى للمفوضين القضائيين للشروع في ممارسة مهامهم بعد التوصل بقرار التعيين، حيث ينص القانون الجديد على ضرورة البدء في ممارسة المهنة خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ التعيين، تحت طائلة التشطيب من المهنة في حال التأخير غير المبرر، إذ تهدف هذه الخطوة إلى تفادي المشاكل الناتجة عن عدم التحاق المفوضين القضائيين بعملهم بعد صدور قرار تعيينهم، وهي مشكلة تسببت في تعطيل العديد من الخدمات القضائية.
نحو مهنة أكثر تنظيمًا وفعالية
يعد مشروع قانون 46.21 خطوة كبيرة نحو تحسين تنظيم مهنة المفوضين القضائيين في المغرب، فبفضل التعديلات التي أدخلها، سيتم رفع كفاءة المفوضين القضائيين من خلال التكوين المطول والمستمر، إلى جانب توسيع نطاق اختصاصاتهم وتحسين الرقابة على أعمالهم، كما سيساهم في توفير خدمات قانونية أكثر فعالية وشفافية لصالح المواطنين، مع ضمان استمرارية تقديم الخدمات حتى في حالة تغيب المفوضين القضائيين بشكل مؤقت.
الخطوات التي نص عليها مشروع القانون تمثل تطورًا هامًا في مسار الإصلاحات القانونية التي تشهدها المملكة، وتستهدف تعزيز مهنية المفوضين القضائيين ورفع مستوى أدائهم بما يتماشى مع التحديات القانونية والإدارية المعاصرة.