
سلايدرما وراء الخبر
مجتمعنا أمام المرآة
محمد التويجر
بمجرد ما تضع حرب البشرية ضد فيروس كورونا أوزارها، سيجد خبراء علم الاجتماع، أنفسهم أمام بنك كم هائل من المعطيات، يسعفهم في تدبر كيف تم التعامل مع الظرفية الخاصة، وما كشفت عنه من عيوب بنيوية واختلالات مجتمعية جمة، تستوجب إعادة النظر وتقويم التشوهات، استشرافا لمجتمعات مغايرة.
بالمغرب، كشفت المحنة الحالية أن مجتمعنا موزع إلى صنفين من المواطنين: صنف تجاوب بطواعية وبلا تعقيد مع تعليمات الجهات المختصة، وآخر متعنت مستهتر متجاهل، لا يعي ما يعتمل حوله، رغم خطورة الوضع ( بسلا وحدها تم اعتقال 122 شخصا في ليلة واحدة ). فبقدر ما حظيت الفئة الأولى بالتقدير والاحترام، لما أبانت عليه من روح مواطنة صادقة، تعكس انشغالها بسلامة بلدها وساكنته، نجد أن سلوك الثانية خلف الكثير من مشاعر الاشمئزاز والأسف، جراء تصرفاتها الخرقاء العاكسة بأن منظومتنا المجتمعية تعاني من خلل فظيع يستوجب تقويمه بصفة استعجالية.
الإشكال أن المجتمعات كل لا يتجزأ، شبيهة بقطار يستوجب وجود ربان واحد في دفة القيادة، ومن سابع المستحيلات أن يقصد اتجاهين اثنين في ذات الوقت، وإلا حلت الكارثة، بعد أن يزيغ القطار عن سكته . ولكم أن تتخيلوا كم سيخلفه من ضحايا وخسائر.
دقة المرحلة تتمثل في أن الإصرار على استصغار “عدونا المشترك”، والتمرد على التعليمات الضابطة، لإظهار أنك تسبح ضد التيار، بمثابة قنبلة موقوتة ستحرق – إذا انفجرت – اليابس والأخضر على حد سواء، ومن ثمة وجب التسلح بمزيد من الصرامة في تنزيل بنود القانون المؤطر لحالة الطواريء الصحية، وما تعزيز السلطات المشتغلة بالميدان بأفراد القوات المسحة الملكية ضمانا لمزيد هيبة، إلا تأكيد على أن الأمور جدية إلى أبعد حد.
الحجر الصحي الممتد حتى 20 أبريل القادم (قابلة للتجديد حسب درجة محاصرة الفيروس ومنعه من مزيد انتشار) فترة محدودة في الزمن، لكن طبيعة التكلفة ما زالت مبهمة، مرتبطة أشد الارتباط بسلوك المغاربة اليومي اتجاهه، فإما نخرج من التجربة معافين، وإما…
ثم أليس بمقدور المتهورين استحضار دلالة وكنه مغامرة أفراد القوات العمومية بمختلف تلاوينها بسلامتهم وترك أسرهم لحالها، وهي الآن في أشد الحاجة إليهم، وتذكر أن المملكة ضحت باقتصادها مفضلة عليه واحدا من مقومات وجود أية دولة “الشعب”؟….إن تجليات هذه التضحيات الجسيمة تتطلب من الشعب أن يكون في مستوى اللحظة، وأحد العناصر المؤثرة في رهان ربح المعركة .
الفترة حرجة إلى أبعد الحدود، يؤكدها صعود مؤشر الإصابات يوما بعد يوما. ومن هذا المنطلق، فإن الجملة الخالدة المتضمنة في مسرحية “هامليت” لصاحبها الكاتب والمسرحي والشاعر والممثل الإنجليزي ويليام شيكسبير الشهير “نكون أو لا نكون، تلك هي المشكلة”، رغم مرور قرابة ستة قرون عن تقديم عرضها الأول، صارت لسان حال سكان المعمور قاطبة اليوم، وباتت تعني الشيء الكثير…فهل يستوعب المغاربة خطورة اللحظة، ويستخلصوا الدروس الممكنة من تجارب الدول القريبة منا، التي تحصي موتاها بالمئات، قبل فوات الأوان ؟……..آمل ذلك