
صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 19
إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
ـ الأستاذ محمد الوديع الأسفي.. وكان يعرف باسم محمد بلعربي أو محمد الشرقي..ولد بأسفي عام 1923.. لقب بالوديع الأسفي لحبه لمدينته وعشقه لجمال طبيعتها وكرم أهلها وعلو كعبهم في مختلف مجالات العطاء الثقافي والفكري والعلمي والحضاري.. تلقى علومه الذي أهلته ليحظى بمكانة مرموقة في المجتمع، على يد عدد من شيوخ المدينة وعلمائها أمثال الفقيه الكانوني والفقيه إدريس بناصر وغيرهما.. ليرحل فيما بعد إلى مدينة مراكش قصد المزيد من التحصيل العلمي، وفيها أخذ عن العلامة الأستاذ محمد المختار السوسي، فأظهر تفوقا ونجابة بين أقرانه.. ثم التحق بعد ذلك بفاس حيث جامعة القرويين التي حصل فيها على الشهادة التي أهلته ليشتغل في مجال التعليم بمدرسة النهضة بمكناس.. وبما أنه كان معروفا بنشاطه السياسي الذي طالما خلخل الوجود الاستعماري، فقد منعته السلطات الفرنسية من متابعة دراسته، كما أعفته من سلك التدريس نظرا لمواقفه الوطنية، إذ زج به في السجون والمعتقلات حتى لقب من طرف أصدقائه ومجايليه ب “قيدوم المعتقلين وصديق الزنازن والسجون..” كل ذلك ليعيش الوطن عزيزا مكرما،مهيب الجانب .. ومن ثمة سخر شعره لخدمة هذا الوطن، وهو شعر يفيض بحمولة من الألم والجراح، يقول عن شعره: “ويأتي الشعر بدوره إلى أن ينطلق في صخب معبرا هو الأخر عن هذه الظاهرة الخطيرة الشاذة في عيون من يعيشون على هامش الحياة وجارة الواقع المأساوي الملموس. مشيرا في نفس الوقت بأن الدواء الناجح والشفاء المنشود يوجدان في النضال المرير والصمود المتصاعد، والإصرار المستمر، ضد الظلم والطغيان، ومن أجل خلق ظروف سليمة وعادلة على طريق التحرير والديمقراطية والاشتراكية، لتحقيق السعادة للجماهير الشعبية الكادحة التي تعيش الاضطهاد والقمع والتسلط..”
للوديع الأسفي مؤلفات كثيرة منها ما هو مطبوع ومنها ما هو مخطوط. فقد أصدر رحمة الله من الأعمال:
“الجرح العنيد”، وهو ديوان شعر، طبعه سنة 1979.
“معالم الطريق”، وهو كتاب طبع سنة 1982.
“ديوان الأرض”، وهو ديوان شعر تم طبعه سنة 1986.
“السلفي المناضل”، الشيخ محمد العرب العلوي، كتاب من الحجم المتوسط، طبع سنة 1986. إلى غير ذلك من المؤلفات التي عرفت النور.
أما المخطوط فمنها:
يطو الزبانية، مشعل الثورة الأطلسية..
من الذاكرة: مواقف بطولية حاسمة للمناضل ابرهام السرفاتي.
الحركة الوطنية خلال النصف الأول من القرن العشرون.
توفي إلى رحمة الله يوم الأحد 2 ماي من سنة 2004.. وبوفاته يكون المغرب قد فقد أحد رجالات الوطنية الصادقة، لم تكن تهمه المناصب، ولم يكن يأبه بالوجاهة أو النفوذ، بقدر ما كان متفانيا محبا لهذا الوطن، معتزا بالانتماء إليه. وأسفي، لن تنسى ابنها البار، ونموذج الشباب الوطني السار، وهي على العهد تكن له كل الحب والتقدير.