
الذكرى الـ66 لوفاة الملك محمد الخامس: استحضار تضحيات بطل التحرير
تحل يوم غد الثلاثاء (10 رمضان) الذكرى الـ66 لوفاة أب الأمة المغفور له الملك محمد الخامس، وهي مناسبة يتذكر فيها المغاربة تضحياته العظيمة من أجل وطنه وشعبه، وكفاحه الطويل من أجل الحرية والاستقلال. هذا الكفاح كان قائماً على الحكمة والتبصر، وشكل مدرسة ونموذجاً يحتذى به في مجال المقاومة والتحرير.
رحل الملك محمد الخامس في العاشر من رمضان سنة 1380 هجرية (الموافق 26 فبراير 1961)، بعد سنوات قليلة من تحرير المغرب من الاستعمار ونيل استقلاله. شكلت وفاته خسارة فادحة للأمة، ولحركات المقاومة والتحرير التي كانت ترى فيه أحد أبرز قادة حركة التحرر الوطني ورمزاً للكفاح من أجل الاستقلال والكرامة.
إحياء هذه الذكرى يعبر عن الوفاء والتشبث الثابت بذكرى ملك كان مثالا للتضحية، حيث فضل المنفى على الخضوع للاستعمار، واعترض بشجاعة على التنازل عن السيادة الوطنية أو المساومة مع سلطات الحماية. طوال مسيرته النضالية ضد الاستعمار، كان الملك محمد الخامس يعمل بتشاور مستمر مع الحركة الوطنية، مدافعاً عن ضرورة التنسيق الجماعي لاستعادة السيادة.
لقد سعى المستعمر بكل ما أوتي من قوة لزعزعة الوحدة الوطنية للنيل من الرباط القوي بين الملك وشعبه، محاولاً طمس معالم هذه العلاقة التاريخية. وفي سياق محاولاته لتفكيك هذه الرابطة، قام المستعمر بمحاصرة القصر الملكي في 20 غشت 1953، مطالباً الملك محمد الخامس بالتنازل عن العرش، لكنه رفض الانصياع وفضل النفي على الخضوع، مؤكداً التزامه الأكيد بالبيعة التي تعكس قوة العلاقة بين العرش والشعب.
أدى نفيه إلى اندلاع انتفاضة شعبية عارمة في كافة أنحاء المملكة، مما أدى إلى انطلاق العمل المسلح ضد الاستعمار. هذه الأعمال البطولية أثمرت عن عودة الملك محمد الخامس من المنفى، معلنة نهاية عهد الحماية وبداية عصر الاستقلال.
بتجربة نضاله، برهن الشعب المغربي عن تعلقه العميق بملكه وبلاده، وجعل التاريخ يشهد على استعداد الشعب لخوض غمار المعركة ضد الاستعمار، وهو ما أشار إليه المغفور له الملك الحسن الثاني في خطابه بمناسبة الذكرى الـ19 لثورة الملك والشعب في 1963.
ومن خلال هذه الجهود البطولية، نجح المغرب في استعادة سيادته، ليبدأ عهد بناء الدولة الحديثة تحت القيادة الحكيمة للملك محمد الخامس، الذي خلف وراءه إرثاً عظيماً في مجال المقاومة الوطنية. وبمواصلة هذا المسار، سعى المغفور له الملك الحسن الثاني إلى تعزيز المكتسبات الوطنية من خلال برامج تنموية واسعة، في حين أكمل الملك محمد السادس المسيرة نحو تحقيق المزيد من الحداثة والتنمية.
لقد قدم الملك محمد الخامس مثالاً مشرفاً في التضحية والقيادة، وما زال إرثه حاضراً في جهود تطور المملكة، مساهماً في بناء حاضر قوي يرتكز على الوحدة الوطنية والرغبة في تقدم البلاد.