مجتمع

تأبين وتكريم أيقونة النضال من أجل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

فقد تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد ومعه الحركة الحقوقية الوطنية أيقونة النضال من أجل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ولاسيما إعاقة التوحد بالمغرب، وذلك يوم الأربعاء 18 غشت 2021.
وبهذه المناسبة الأليمة التي أفجعت قلوب محبيها ومعارفها وأسرتها الصغيرة، نظم التحالف أمسية تأبينية تكريما لذكراها الطيب واستحضارا لمسارها النضالي الحافل بالبذل والعطاء.
لقد كانت سمية العمراني، كما عرفها أعضاء المكتب التنفيذي للتحالف وأعضاء الجمعيات المنتمية له وأصدقاؤها وكل من عاشرها، أيقونة النضال بلا منازع، وامرأة استثنائية بخبرتها ومعرفتها وأخلاقها العالية قل ما يجود الزمان بمثيلها، كما كانت للتحالف نبراسا لن ينطفئ بغيابها.
استوعبت سمية العمراني، من خلال التربية الدينية التي تلقتها، رسالتها في الحياة، فأدتها بكل تفان وإتقان، ورأت بأنها ميسرة لخدمة الأشخاص ذوي الإعاقة، فعاشت لهم مدافعة شرسة على حقوقهم، تسلحت بالعلم والمعرفة، فبنت ترافعها على أسسهما الراسخة. وحباها الله بفضلهما فيضا من الأفكار الولادة المبدعة.
بدأت مسارها النضالي مدافعة عن الحق في تشخيص التوحد انطلاقا من المقاربات الحديثة البعيدة عن اعتباره مرضا دهانيا أو انطوائية، ودافعت عن التعاطي مع التوحد من مقاربة بيئية حقوقية تركز على القدرات المتطورة للأشخاص ذوي التوحد، فساهمت في إنجاح المؤتمر الدولي الأول حول التوحد لسنة 2014. والذي كان من أهم مخرجاته التوصية بإعداد الخبرات الوطنية في مجال التوحد مما أسفر عن برنامج “رفيق” الحكومي.
 كانت سمية العمراني في عملها في مجال التوحد استباقية، فنظرت في المجال التنظيمي من خلال اعتماد التخطيط الاستراتيجي والتأكيد على البناء الجهوي للتحالف، وتقوية قدرات الجمعيات ومن خلالهم الأسر، واهتمت ببناء الشراكات مع المؤسسات المعنية بتحسين وضعية الأشخاص ذوي الإعاقة. واعتنت كذلك بالبحث العلمي فاقتحمت أبواب جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء  لإحداث شهادة جامعية في التوحد، والمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، حيث أسست للتعاون البناء مع ثلة من الأساتذة الباحثين لإصدار عدد من الدلائل الإرشادية الهامة في مجال التعليم، ومؤخرا مع كلية التربية بالرباط لتغطية النقص في مجال الأطر المواكبة لذوي التوحد.
تأبين وتكريم أيقونة النضال من أجل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
لقد آمنت بالتربية الدامجة على اعتبار أن التعليم حق تمكيني، فسخرت له حظا وافرا من صفحات حياتها، ورأت في الحق في الشغل وفي الأهلية القانونية والمناصرة الذاتية  مجالات اشتغال موجهة للشباب ذوي إعاقة التوحد.
لم تهمل سمية مجال الرياضة باعتبار أهميته في تأهيل الأشخاص ذوي التوحد، ولا سيما منهم الشباب الذين فاتهم التشخيص والتدخل المبكرين، فاستفادت من شبكة معارفها الواسعة دوليا لاستحضار خبرات دولية لتكوين المتدخلين والجمعيات في الرياضة الموجهة لذوي التوحد. كما دعمت مبادرة “أجري بالأزرق من أجل حقوق الأشخاص ذوي التوحد” إيمانا منها بتحقق الدمج المجتمعي من خلال الرياضة .
 اعتنت بالثقافة، فاستجابت لمبادرة شبابية  رائدة لتنظيم حفل سنوي يعرف بالتوحد من خلال الفن، فكان مشروعها الناجح توحدي وفنان Autiste et Artiste
لقد كانت سمية العمراني نموذج مشرف للمرأة المغربية المعطاءة بدون منٍّ منها ولا سعي لشكر أو جزاء دنيوي، جابت بكل حب ومثابرة المغرب من شماله إلى أقصى جنوبه لدعم الجمعيات والأسر والتحالفات الجهوية في مجال اشتغالهم مع الأشخاص ذوي التوحد. وسهرت على دورات تكوينية وورشات تدريبية في مجالات التدخل لفائدتهم. وكانت كل سعادتها حينما ترى هدفا من أهدافها السامية يتحقق، ولا سيما حينما تنجح في إنقاذ طفل من براثين الإعاقة، فتجلسه في قسم دامج، وترسم ابتسامة في وجه فتاة استطاعت التعبير بطلاقة بعدما كان قد أعجزها التوحد عن الكلام، كانت تنشرح صدرا حينما تنجح في إعداد مشروع يعود بالنفع على الأسر ويحيي في قلبهم الأمل، تسعد ويتهلل وجهها حينما ترى بنات أفكارها تكبر وتترعرع وتولد مشاريع ذات أثر على واقع الأشخاص ذوي الإعاقة. ولكم كانت فرحتها كبيرة حينما استدعي التحالف لتدبير مركز مرجعي للتوحد بالرباط وتفاعل المسؤولين بإيجابية كبيرة مع رؤيتها الرائدة والمتميزة  لتسييره اعتمادا على معايير دولية معتمدة.
انتهى عمر سمية العمراني ولم تنته أحلامها، غاب جسدها عن التحالف ولن يغيب رصيدها، غيبها الموت باكرا ولن تغيب رسائلها القوية الصادقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

7 + ثمانية =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض