سلايدرما وراء الخبر

محاربة الجهل والاستهتار أهم من مواجهة كورونا

محمد التويجر

الحرب ضد فيروس كورونا منتهية ما لا محالة، مهما طالت مدتها، والخسائر الناجمة عنها سيتم تعويضها بالتدريج، لكن الحرب ضد الجهل تتطلب مجهودا مضنيا يمتد سنوات طويلة، قصد تغيير العقليات المتحجرة التي لا تقيم وزنا لخطورة الوضع وحساسيته لغاية القطع مع سلوكها المتهور النشاز.
الحرب ضد الجهل تستوجب إرساء دعائم تعليم مواطن يشعر مريديه بدورهم المستقبلي في الذود على حدود البلاد وسلامتها، وتسخير معارفهم المكتسبة في رفع مؤشراتها التنموية الاجتماعية قبل الاقتصادية، وتقديم النموذج الأمثل عبر المقترحات البناءة ، والتفكير المجدي، والسلوك القويم، والإسهامات الإبداعية والعلمية الخلاقة، بدل اختزال مفهوم الارتباط بين المدرسة وجمهور المتعلمين في الشعار السطحي” بضاعتنا ردت إلينا ” المحصورة في حفظ الدروس واستظهارها لغاية الحصول على شواهد بلا قيمة علمية تذكر.
لإقامة الحجة والمقارنة أيضا على ضرورة إحداث تغيير راديكالي في منظومتنا التعليمية، ما على المرء سوى أن يعود بذاكرته عقودا قليلة إلى الوراء. فالأكيد أنه سيلمس وجود بون شاسع بين تبحر طالب أمس في مختلف المجالات وانفتاحه على العالم وثقافته، وضحالة مستوى الحالي، نظام أفرز فئة غير مسؤولة في سلوكها وطريقة تدبيرها للأشياء المشتركة بيننا .
رب قائل إنه حكم متحامل، وإن الأمر لم يبلغ حد وضع نظارات سوداء كلها تشاؤم…لكن طريقة تعاملنا مع الإجراءات الاحترازية ضد وباء “كوفيد 19 “، الذي شغل العالم أجمع، وتفاوت درجة تطبيقنا لمقتضيات الحجر الصحي تؤكدان أن هناك “حاجة غلط” في تركيبتنا المجتمعية، مجسدة من خلال استصغارنا خطورة الوباء، وتمرد بعضنا بطريقة صبيانية على الضوابط، وتبخيس جهود من ضحوا بوقتهم وسلامتهم كي نرغد “نحن” بأجواء آمنة . ولمن يحتاج إلى تأكيد ، ما عليه سوى تدبر تشديد السيد محمد اليوبي مدير الأوبئة ومكافحة الامراض داخل وزارة الصحة أمس على أننا انتقلنا من الحالات المعزولة إلى البؤر العائلية. وهي درجة متقدمة من العدوى لن تبقي ولن تدر، إذا استمر أسلوب الاستصغار والاستهتار هذا.
تأسيسا على هذا المستجد الخطير، يبدو أن الوقت يستوجب تشديد الإجراءات الزجرية المتضمنة في قانون الطواريء الصحية، حتى يلمس المتهورون – قولا وفعلا – ألا تساهل بعد اليوم مع خارقي مضامينه. ما دام أن هناك ناموسا أسمى يفرض نفسه على الجميع، يتمثل في كوننا نعيش تحت سقف وطن واحد. وضرورة التعايش هذه تفرض علينا واجب احترام حقوق بعضنا البعض، والالتزام بالواجبات المفروضة علينا، بحكم عنصر الانتماء، والامتثال للضوابط المؤطرة، والحرص على عدم تعريض سلامة الغير إلى الخطر، بأي شكل من الأشكال .
فوق كل هذا وذاك، المثير للغرابة أن البعض بات يتفاعل مع اللقاء الإعلامي اليومي للسيد اليوبي وكأنه فرجة منتظمة، يرصد عبرها تطورات بورصة المال والأعمال متجاهلا أن مؤشر الوفيات في ارتفاع مضطرد…ومبعث الغرابة أن هذه الفئة صارت ممتلكة لسلوك تطبيعي غريب مع الوباء ومستجداته، وكأنها غير معنية كليا بنكساته .
إن الأمر يستدعي تعاطيا مغايرا لإعادة الخارجين على النص إلى رشدهم وثنيهم عن غيهم، حتى لو استدعى الأمر مزيدا من الصرامة، بعدما أبان الأسبوعان الأوليان من الحجر الصحي أن الفئة المذكورة في حالة تسلل واضح، يستوجب إعمال القوانين المنسجمة مع الوضع الحالي الدقيق، تفاديا لانزلاقات أخطر في المستقبل، وارتفاع مهول لمؤشر زحف عدونا المشترك، في ظل أن عامل الزمن لا يرحم…بخاصة وأن شهر رمضان على الأبواب. ولكم أن تتخيلوا الأجواء المصاحبة إذا لم يحقق الحجر الصحي النتائج المرجوة منه….آنذاك سنجد أنفسنا مضطرين – على رأي هواة كرة القدم – لدخول أشواط إضافية، يعلم الله مدتها ونتيجتها الرقمية…فلنغير سلوكنا قبل فوات الأوان…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض