
سلايدرما وراء الخبر
مستقبل الرياضة المغربية في خلاصها من الحزبية الضيقة
محمد التويجر
أعاد إعفاء لحسن عبيابة من منصبه وزيرا للثقافة والشباب والرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى الواجهة حالة التخبط التي تعاني منها الرياضة المغربية، نتيجة بقائها لسنوات رهين حسابات الأحزاب الضيقة، وفشلها الجلي في التجاوب مع الإرادة الملكية الداعمة للرياضيين المغاربة، قصد تمكينهم من أنجع السبل، وتيسير عودتهم إلى سكة التميز وإعلاء اسم المملكة ، كما السابق، في مختلف المحال الدولية.
بقاء عبيابة في منصبه المحدودة لمدة تقل عن ستة أشهر ( أقل مدة إشراف على القطاع منذ حصول المغرب على الاستقلال ) يجعل عملية تقييم أدائه منقوصة. بالمقابل هناك معطى رقمي يمكن بالمقابل من تشخيص واقع القطاع بشكل أوسع وأفيد، يتمثل في كون القطاع تناوبت على تدبيره 26 شخصية، منذ أول حكومة بعد الاستقلال برئاسة امبارك البكاي بمسميات متنوعة ( وزراء وكتاب دولة ومدراء للرياضة ومندوب سامي)، يقود إلى استنتاج أن الحكومات المتعاقبة كما الأحزاب مفتقدة لسياسة رياضية واضحة المعالم.
وما يعكس أوجه قصور التصور لدى الهيئتين معا محدودية الحيز الذي تحظى به الرياضة في برامجهما الانتخابية، وحين تصريح رؤساء الحكومات المتعاقبة أمام البرلمان بغرفتيه بحثا عن نيل الثقة. ينضاف إلى كل ذلك عدم دراية المرشحين للإشراف على القطاع بخبايا القطاع وتفرعاته، وإصرار غالبيتهم، بمجرد التعيين، على القفز على ما حققه سابقوهم، والتقدم بتصور بديل، مفوتين بذلك على القطاع وقتا وجهدا كان من الأفيد أن يستثمرا إيجابا للارتقاء به نحو الأفضل .
أمام حلقة التيه هذه، يبدو أن خير سبيل للقطع مع التجارب السابقة ( فترة الراحل عبد اللطيف السملالي شكلت الاستثناء) يتمثل في تخليص القطاع الرياضي من التبعية للأحزاب، واعتماد خيار المندوبية السامية الذي جرب مطلع ستينيات القرن الماضي، في عهد حسني بن سليمان، شريطة إسناد المهمة لرجل تقني ملم بمجال تدخله، عارف بخباياه، متوفر على رؤية مستقبلية محددة المنطلقات والأهداف.
إن غيابنا عن منصة التتويج الأولمبي والعالمي لمدة 16 سنة يعكس بكل جلاء أن القطاع الرياضي محتاج إلى عملية قيصرية مستعجلة لاستئصال أورامه الباطنية وتجميل تشوهاته الجلية التي علقت به، جراء أخطاء متراكمة جعلت من الحقيبة الوزارية بوابة وسبيلا لتثبيت المتعاطفين مع حزب الوزير المعين في مناصب بالدواوين والمصالح والأقسام، قصد مكافأتهم على الخدمات التي أسدوها للحزب خلال الانتخابات، ومن ثمة إبقاء الأخير مسيطرا على دواليب الوزارة، بعد رحيل الوزير المشرف.
إن قطاع الرياضة يوجد حاليا في مفترق الطرق، وخلاصه في تحرره من جبة الأحزاب التي تحولت مع توالي التغييرات إلى ما يشبه “دربالة الهداوي” المرقعة ، مع الحرص على ارتقائه إلى وضع أفضل، يتناغم مع العناية الملكية الموصولة للقطاع الرياضي وأهله، أبرز تجلياتها ، مباشرة بعد عودة الوفد المغربي خاوي الوفاض من أولمبياد بكين 2008، تخصيص جلالة الملك ل 33 مليار سنتيم قصد ضمان إعداد أمثل لرياضيي النخبة… مبادرة التقطت إشارتها بشكل خاطيء، حيث انصرفت الغالبية إلى البحث عن أيسر السبل للاستفادة من التعويضات المتأتية منها، متجاهلة أن الدعم الملكي وسيلة بدل أن يكون غاية…فيما الهدف الأسمى: إسماع النشيد الوطني صداحا من جديد في المحافل الدولية بعد طول غياب.