سلايدرما وراء الخبر

حين الشدائد….تعرف معادن الرجال

محمد التويجر

شخصيا….لم أفاجأ بالحنكة والكياسة اللتين دَبّر بهما جلالة الملك محمد السادس حفظه الله محليا مختلف مراحل جائحة كورونا…ولا أخفيكم أنني كنت متوقعا من جلالته مبادرة مماثلة يجسد عبرها مجددا أن انفتاحه على عمق المغرب الإفريقي قناعة ومبدأ ملكيان يزدادان ترسخا مع توالي السنوات والامتحانات.
وها هو البلاغ الصادر عن الديوان الملكي يوم أمس، والذي كشف فحوى الاتصالين الهاتفيين اللذين أجراهما جلالته مع الرئيسين الإيفواري والسنغالي ألاسان درامان واتارا، وماكي سال يؤكد بوضوح البعد الإفريقي في فكر وفلسفة ملك نال الإعجاب والتثمين، بفضل حنكته واستراتيجيته الاستباقية اللذين جنبا المملكة كارثة وشيكة مرتبطة بتفشي فيروس كوفيد 19.
أن يقترح جلالة الملك محمد السادس “إطلاق مبادرة لرؤساء الدول الإفريقية تروم إرساء إطار عملياتي بهدف مواكبة بلدانهم في مختلف مراحل تدبيرها للجائحة، عبر مبادرة واقعية وعملية تسمح بتقاسم التجارب والممارسات الجيدة لمواجهة التأثيرات الصحية والاقتصادية والاجتماعية للجائحة”، وفقا لمضمون البلاغ المذكور….فذاك تجلي جديد لانشغال جلالته الموصول بقضايا القارة ووضعها في صلب اهتمامه، وفاء لروح جده ووالده الملكين محمد الخامس والحسن الثاني المؤمنين إبان تقلدهما عرش المملكة بأن مفاتيح مشاكل إفريقيا موجودة لدى أبنائها، وأن طموحاتها المستقبلية لن تتحقق إلا بالاعتماد على الذات وتسخير طاقاتها المحلية، بعيدا عن الأطماع والإملاءات الخارجية والتعامل الدوني الإقصائي.
هي دعوة صادقة من ملك موقن بقدرة قارة ممتلكة لإمكانيات طبيعية وبشرية واعدة – لو تظافرت جهود قادتها – أن تزيل عنها رداء التخلف والتبعية ، ومسلمة كونها مجرد ملحقة استعمارية، وقاعدة خلفية تستنزف خيراتها، وفأر اختبار يلجأ إليه المستعمر السابق كلما أراد تجريب لقاح أو نموذج يخدم حساباته.
بكل تأكيد، سيكون للمبادرة الملكية ما بعدها، خصوصا لدى البلدان الإفريقية الصديقة للمملكة المغربية التي لمست في محطات عدة صدق مقاربات قائدها، ومشاعره الجياشة اتجاه أبناء هذه الأرض المعطاء، (تعكسه كل الاستقبالات الشعبية العفوية التي حظي بها جلالته، حين تجواله بين ربوعها، إرساء لدعائم تعاون مثمر، تعم خيراته كل الشركاء.)
إن انفتاح المغرب الموصول على كل المبادرات التي تروم إحلال السلم والأمن في بؤر النزاعات المحلية، واقتراح خبراته على بلدان نتقاسم معها عرى الانتماء، في مجالات الاقتصاد والبيئة والفلاحة والصناعة والتنمية الاجتماعية أيضا، بمثابة محفز لقادة البلدان المؤمنين بالمستقبل الواعد المشترك، قصد تجاوز تبعات أزمة كورونا بسلام…..ذات الأزمة التي عرت واقع أكثر من بلد ادعى التحضر والزعامة والريادة والرقي، كاشفة بالملموس زيف تقدمه، مسهمة في خلخلة النظام العالمي الحالي في شموليته، مهيئة الأجواء الملائمة لفرض آخر بديل، يرتكز على التضامن والتكافل والمصير المشترك، بعيدا عن الحسابات الجيو- سياسية الضيقة، وويلات الحروب والمآسي .
هي دعوة ملكية مفتوحة موجهة إلى الحكماء من قادة إفريقيا، التواقين إلى قارة تفرض كلمتها – قولا وفعلا – استشرافا لسبل عيش أفضل، من خلال الاعتماد على ما تزخر به من خيرات، وأطر شابة مشهود لغالبيتها بالكفاءة المعرفية، عند الغرب المتقدم ذاته.
قبل ذلك، نأمل أن تفتح محنة كورونا أعين المتنطعين السابحين ضد التيار أن زمن النعرات والأجندات الضيقة، المرتكزة على بؤر القلاقل والفتن وتقويض عجلات الرقي والتنمية المحلية ولى بلا رجعة….ومن هذا المنطلق، تشكل المبادرة الملكية الجديدة، إلى جانب بعدها الإنساني، دعوة صريحة لنبذ كل أشكال النرجسية والتقوقع، والإسراع إلى التشمير على سواعد الجد، لغاية بلورة استراتيجية عمل إفريقية موحدة تنشد التكامل، معبدة الطريق نحو انبلاج عهد جديد أمام قارة تفرض كلمتها وهيبتها وسط المحفل الدولي بأنفة وكبرياء….فهل يلتقط المعنيون بالأمر الإشارة الملكية بالشكل المطلوب ؟
حقا…. حين الشدائد، تعرف معادن الرجال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض