
تونس : تأخر التساقطات وتوالي سنوات الجفاف ينذران بعواقب كارثية على القطاع الفلاحي
تعيش تونس، خلال السنوات الأخيرة، تحت وقع نقص حاد في المياه، غير مسبوق، جراء شح التساقطات المطرية وتوالي فترات الجفاف الطويلة التي تنذر بموجة من العطش، وعواقب وخيمة على الاقتصاد، لاسيما القطاع الفلاحي.
ويعد 2023 العام السابع للجفاف بتونس، وهو ما سيكون له، حسب توقعات خبراء البيئة، آثار كارثية على الفلاحة، باعتبارها أهم محرك للاقتصاد التونسي.
أما السلطات فترى أن شح التساقطات المطرية قد أدى إلى نقص هائل في نسبة المياه بالبحيرات الكبيرة في البلاد وصلت إلى أكثر من الثلث، إلى درجة أن مستوى امتلاء بعضها، حاليا لا يتجاوز 15 في المائة من قدرتها الاستيعابية.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، يرى رئيس نقابة الفلاحين في تونس، الضاوي الميداني، أن قلة التساقطات المطرية، كما هو الحال بعموم بلدان البحر الأبيض المتوسط، ستكون لها انعكاسات سلبية بل وكارثية على الزراعة بالبلاد، لاسيما مع نضوب كل السدود، تقريبا.
وبعد أن أشار إلى أن من شأن هذا أن يفاقم من تراجع سلسلة الإنتاج على المستوى الوطني، شدد المسؤول النقابي على أن تراجع منسوب مياه السدود والبحيرات الجبلية بتونس جراء شح التساقطات والجفاف المتواصل أثرا على مردود الإنتاج الفلاحي والأمن الغذائي الذي يعرف وضعية صعبة لم تعش تونس مثيلا لها منذ سنوات.واعتبر الضاوي أن شح التساقطات سيؤدي، كذلك، إلى تراجع مخزون الفرشاة المائية والآبار إلى حد، وصفه بأنه “لا يطاق وخطير جدا”، مفسرا هذا بجفاف الأودية، وبالتالي ازداد التأثير السلبي على الفلاحة ومستوى الزراعة وبالتالي مستوى الإنتاج. وتستخدم معظم موارد مياه الشرب في تونس، أي 80 في المائة، في الري الزراعي، لا سيما المكثف المتعلق، بالخصوص، بالطماطم والحمضيات. كما لا يتم توجيه أكثر المحاصيل لتلبية الاحتياجات المحلية، بل يتم تصديرها إلى الخارج.وقال رئيس نقابة الفلاحين، في هذا الصدد، إن شح الأمطار وكذلك تفاقم الأزمات دوليا، و منها الأزمة الأوكرانية – الروسية، ساهما في تفاقم أزمة الفلاحة بتونس ولاسيما إنتاج الحبوب. وفي علاقة بالموضوع، لم يفت المسؤول التذكير بأزمة الخصاص في المواد الأساسية، كالحليب والحبوب وارتفاع الأسعار، آليا، وتزايد عملية الاحتكار لبعض المواد، نتيجة هذا الوضع. يشار الى أن وزارة الفلاحة لم تفلح في تغيير استراتيجيتها بإيلاء الأولوية لمياه الشرب على حساب بعض الأنشطة الزراعية المستهلكة للماء، مما دفع المزارعين إلى تقليص المساحات المزروعة وتهريب الأبقار إلى دول مجاورة بسبب الزيادة بفي أسعار الأعلف المركبة نحو 300 دينار للطن الواحد (100 دولار). وشدد على أن الحديث اليوم بتونس لم يعد يتعلق بمخزونها الاستراتيجي وإنما عما تبقى من المنتوج الاستراتيجي، مبرزا في السياق ذاته أن مخزون تونس الاستراتيجي من الحليب مثلا ناهز اليوم 56 مليون لتر وبالتالي فإن النقاش والجدل بتونس، ينصب، حاليا، حول الاستهلاك اليومي.
وبخصوص التدابير الكفيلة بالتعامل مع شح التساقطات يرى رئيس نقابة الفلاحين التونسيين أن تحلية المياه وإعادة تدوير العادمة أصبحا، اليوم، ضرورة ملحة وحلا من الحلول الممكن.
كما أن الإعداد لمشاريع تنجز على أساس دراسات استباقية يمكن أن تساهم في مواجهة الوضع الاقتصادي الهش الذي تعاني منه تونس اليوم.وأبرز أن الدولة تعمل لتجاوز الأزمة على تعويض مياه السدود بالآبار، مشيرا إلى أنه بتضافر الجهود وتصحيح سلسلة الألبان والعمل على دعم الأعلاف وإيصاله الى مستحقيه، بالتعاون مع المهنيين، من شأنه أن يعالج موضوع المخزون الاستراتيجي. وفي ذات السياق ذكر الخبير الاقتصادي، عز الدين حديدان، أن مؤشرات الاقتصاد التونسي أصبحت على شفا أزمة تستدعي حلولا عاجلة، لتخفيف تكلفة المعيشة والحد من الشح في المواد الأساسية، الذي لا يزال يرهق كاهل المواطن التونسي، في ظل وضع اقتصادي غير مسبوق تشهده البلاد.وأضاف الخبير في تصريحات صحفية، أن الاحتباس الحراري ساهم في انخفاض نسبة التساقطات السنوية للأمطار، مما أثر سلبا على مخزون السدود وزاد في انخفاض مستوى المياه السطحية، مؤكدا أن نقص المياه سيؤثر على المحاصيل الفلاحية، خاصة الحبوب، وهو ما سينجر عنه تفاقم عدة مشاكل وزيادة حجم عجز الميزان التجاري. وطالب خبراء البيئة والاقتصاد الدولة بمراجعة سياستها المائية، وتعزيز الإنتاج الفلاحي عبر إرساء خطة للعناية بالسدود.