ثقافة

صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 22

 إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي

التهامي الوزاني:
   
الفقيه الجليل، معروف بحضوره المتميز بين أهل أسفي، متشبعا بتعاليم كتاب الله العزيز والدين الإسلامي الحنيف، فأعطاه ذلك قوة في الحجة وحسن دراية في إدارة الحوار.. فكانت صلته بالناس عميقة للغاية، حيث كان لهم معلما ومرشدا، يحل مشكلاتهم ويدافع عنهم، ويأمرهم بالمعروف، يحرص على عمل الخير والصلاح، له أيادي على مدينة أسفي في المجالين الاجتماعي والديني، في فترة إشعاع ثقافي وحضاري تميزت به هذه المدينة بما ضمته من علماء أجلاء وفقهاء في هذه الحقبة من تاريخها…” عمل الفقيه الوزاني أمينا على خطة بمرسى أسفي، وهي مهمة أداها بكفاءة عالية وأمانة رصينة تتناسب وأصوله الشريفة حيث وفدت أسرته على أسفي منذ 1745، وذلك للتبرك والتيمن بالشرفاء الوزانيين.
 
من حسنات هذا الرجل، أنه بنى مسجدا من ماله الخاص، بحي الرباط بأسفي. أقيمت فيه أولى صلاة الجمعة في شهر رمضان الأبرك من عام 1336هـ.
 
كانت وفاته رحمة الله سنة 1915 بعد حياة حافلة بالعطاء الفكري والعلمي والروحي، فقد أفنى وقته للعلم والإفادة، مما جعل الناس يحبونه ويجلونه.


عبد الرحمن بن الشيخ:
من مواليد مدينة أسفي ( 1915 ـ 1985 ) وهي فترة عرف فيها المغرب الكثير من التقلبات السياسية والاجتماعية. حفظ السي عبد الرحمن القرآن الكريم في سن مبكرة على يد الفقيه الكانوني الذي كان وقتها مشرفا على كتاب قريب من مسجد الشيخ أبي محمد صالح، حيث كان يدرس تلاميذه أيضا بعض المتون.. إضافة إلى ما كان يتلقاه السي عبد الرحمن
من دروس على يد بعض علماء أسفي بالمسجد العظم أو بمسجد الشيخ ابي محمد صالح ، كالفقيه ادريس بناصر والفقيه محمد بن الطيب الوازاني وغيرهما إلى جانب انكبابه على القراءة والمطالعة.. كل هذه المكونات جعلت منه مثقفا عصاميا بامتياز . عاش فترة من حياته بمدينة الدار البيضاء، لكن سرعان ما عاد إلى مسقط رأسه أسفي ليستقر بها بشكل نهائي، وكان ذلك في بداية الحرب العالمية الثانية .. زاول الكتابة الصحفية، حيث كان أول مراسل صحفي من اسفي لجريدة العلم منذ تأسيسها عام 1946، ينقل أخبار المدينة ونضالاتها ضد المستعمر الفرنسي ، تحدوه وطنيته الصادقة ، وإيمانه بعدالة قضية وطنه ، مما عرضه للسجن والتعذيب ، فكان ذلك سببا جعله يتوقف مضطرا عن المراسلة الصحفية سنة 1952.
  
عرف الرجل لدى مجايليه بالأخلاق العالية، والخصال الحميدة، والنفس الأبية ، شأنه في ذلك، شأن أهل أسفي الذين عرف عنهم طيب المعاشرة والأخلاق الحسنة. نشير إلى أن الأستاذ الفاضل السيد محمد بالوز قد بذل جهودا حثيثة حين عمل على جمع النتاج الفكري والأدبي للأستاذ عبد الرحمن بن الشيخ .. وهو عمل محمود نأمل أن يحتذي به باحثون آخرون لإخراج النتاج الفكري والأدبي لغير قليل من علماء وأدباء مدينة اسفي، حتى يرد الاعتبار لهذه المدينة ، ليعرف الجيل الحاضر أن أسفي كانت دائما أنموذجا في طلب العلم، والإشعاع الثقافي. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة + سبعة =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض