ثقافة

صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 49

إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي

الأستاذ امحمد الكراوي
لعل في طليعة لاعبي كرة القدم الذين عرفتهم الساحة الكروية في أسفي طيلة فترة سبعينيات القرن الماضي ، اللاعب الخلوق ، السي امحمد الكراوي أطال الله في عمره .فهو يعد من اللاعبين المبرزين الذين خدموا كرة القدم بأسفي وكانوا من أولئك الذين وهبهم الله القدرة والطاقة على العمل الرياضي الدؤوب في تفان وصدق وتضحية .. يشهد له بذلك الجمهور الرياضي بأسفي ، حيث كان الناس وما يزالون يكنون له الكثير من التقدير والاحترام ، معترفين له بما أسداه من أياد بيضاء على مجال كرة القدم بأسفي .
يعود أصله ـ حسب ما أشار إلى ذلك الفقيه الكانوني ـ إلى بيت الكراويين ، وهو بيت علم وفضل وعدالة ونظارة ورئاسة .. كانت هذه العائلة موجودة بأسفي أواسط القرن الثاني عشر .
أما والده ، فهو الفنان المقتدر البارع الحاج عبد الله الكراوي الذي كان يجمع إلى روعة إنشاد البيتين والموال ، جودة العزف على البيانو ( البيان ) . أسس مجلسا فنيا لممارسة الطرب الأندلسي ، كان يضم نخبة من خيرة العازفين والمنشدين . وللذكر ، استغل الحاج عبد الله الكراوي فرصة عودته من الديار المقدسة في ثلاثينيات القرن الماضي ونزل بمصر ، حيث أتيح له أن يقابل السيدة أم كلثوم سيدة الغناء العربي ليعزف أمامها على آلة القانون ، فأعجبت بمهارة الأداء ودقة العزف . وهذا تشريف لواحد من أبناء أسفي ، وتمثيل مشرف لهذه المدينة وأهلها .
ولد الأستاذ امحمد الكراوي سنة 1939 بأسفي بحي المدينة العتيقة ، وبها نشأ وتربى وأكمل دراسته الابتدائية ، ليلتحق فيما بعد بمدينة الدار البيضاء لاستكمال الدراسة ، ثم الحصول على دبلوم مدرسة تكوين المعلمين ، ليعود إلى أسفي كمدرس لمادة الفرنسية ، وذلك سنة 1961 ، ثم حارسا عاما منذ سنة 1964 بثانوية الإدريسي وابن خلدون ، فمديرا لإعدادية ابن الخطيب ليحال على التقاعد بعد أن أفرغ كامل جهده خدمة لمنظومة التربية والتعليم ، فكان نعم المربي والإداري الناجح .
إلى جانب هذا كله ، عرف كلاعب كرة القدم في صفوف فريق اليوساس منذ 1958 ضمن فئة الشبان ، ثم لاعبا رسميا لفريق اتحاد أسفي كمدافع أوسط صلب لا يشق له غبار والجدير بالذكر أن السي امحمد كان يمارس اللعبة حاملا للنظارات الطبية ، ومع ذلك ، كان دائما اللاعب المتألق النظيف ، صاحب القذفات الصاروخية ورد الهجومات القوية .
وكنا ونحن صغار نتابع بشغف كبير لعبه الأنيق ، وغالبا ما كان يدخل السرور على قلوبنا إثر قذفة قوية مستقرة في شباك الخصم . عرفناه طويل القامة ، جميل المطلع ، أنيق الشكل والمظهر ، ذا أخلاق فاضلة عالية ، عليه مسحة من التواضع الجم ، شديد الحياء ، وكلها صفات جعلت منه إنسانا خلوقا ، له حضور قوي بين أهله ومحبيه . نودي عليه للانضمام إلى فريق منتخب الأمل ، لكن حال دون ذلك حمله للنظارات ، لكن ذلك ، لم يثنه على الاستمرار في الممارسة إلى أن أنهى مشواره خلال 1974 / 1975 .
هذا هو السي امحمد الكراوي ، نعرف به اليوم ، ليعلم الجيل الحاضر من اللاعبين أن من سبقهم إلى ممارسة كرة القدم ، كانوا على مستوى عال من التواضع وكريم الخصال والمحامد ونبيل الشيم والفضائل ، مارسوا اللعبة في هدوء طبع وعلو نفس ورفعة همة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

8 + ثمانية =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض