
ٍحتى لا يتحول المؤقت إلى دائم
محمد التويجر
باقتراب 20 ماي الجاري، الموعد المبدئي للشروع في رفع الحجر الصحي الذي فرضته جائحة فيروس كورونا، والتصالح التدريجي مع حياتنا الطبيعية، تنتصب أسئلة مقلقة تحتاج إلى جواب قطعي، تفاديا لأن يصبح المجتمع المغربي رهين حلقة مفرغة ، وأسير ضيف ثقيل، قلب نظم ناموس الوجود عبر العالم رأسا على عقب.
خيارات كثيرة على طاولة المسؤولين تنتظر التفعيل، وكل شيء مرتبط بخلاصات القراءة التحليلية للحالة الوبائية، وانحصار عدد الإصابات واتجاهها نحو التراجع…لكن يبدو أن الوضع سيتطلب مزيد تضحيات، لأن خمس جهات ما زالت منخرطة في سباق محموم للاستفراد بصدارة من منها ستسجل أكثر الإصابات بدل سعيها إلى العكس، وسيلتها في ذلك وجود أشخاص – سامحهم الله – لا يعيرون أدنى اهتمام للتضحيات الجسام التي يبدلها مختلف المرابطين في المستشفيات كما الطرقات لمحاصرة الوباء الجبان، غير عابئين بالمخاطر المحدقة التي ستنجم عن سلوكهم غير المسؤول، واستهتارهم بالظرفية الدقيقة التي يمر بها العالم أجمع.
1362 إصابة مؤكدة بجهة الدار البيضاء الكبرى، حتى عشية أمس بفارق 271 عن جهة مراكش، ثم جهة الشمال ب 740، فجهة فاس- مكناس ب 665 ، ثم درعة ب 551 ، فجهة الرباط سلا القنيطرة ب 453 حالة…خمس جهات تستحوذ على 70 في المائة من الحالات، مجسدة لوجود بؤر مقلقة تصعب محاصرتها، بسبب التهور غير المبرر الذي تعيش على إيقاعه أحياءها الشعبية يوميا، رافضة التسليم بوجود ظرفية استثنائية يترتب عنها لزاما تفاعل خاص.
للأمانة، قامت الدولة بمختلف مصالحها بواجبها وزيادة. وعلى المواطن، الذي اعتاد بمناسبة وبدونها رمي كامل المسؤولية على الطرف الأول، المسارعة إلى المواكبة الإيجابية والالتزام المتحضر، عبر التقيد الصارم بإجراءات الحجر الصحي، ودون ذلك يقود إلى تشديد الإجراءات الزجرية القانونية، ليس دوما في اتجاه الاعتقال، الذي أظهرت التجربة عدم فعاليته، بالنظر إلى كلفته المرتفعة، وتحول سجون مدن عدة إلى بؤر حقيقية أو محتملة. ليبقى خيار الغرامات المالية المتراوحة بين 300 و 1300 درهم أنجع السبل لتطويق كل انفلات. مادام أن للإنسان حساسية خاصة وتوجسا جليا من الإضرار بمحتوى جيبه. لذا وجب التركيز على هذه المقاربة، ضمانا لنتائج إيجابية على أرض الواقع.
من مختلف المنابر التي مروا بها، أجمع المدبرون لأزمة كورونا – وما زالوا – على أن السبيل الأمثل لمحاصرة الوباء والحد من انتشاره مرتكزان على مبدأين أساسيين: اليقظة الموصولة وعدم التراخي، وإلا عدنا إلى نقطة الصفر، بسجل مثقل بخسائر الأرواح ، والإضرار بالأبدان وإصابة اقتصاد البلاد بالسكتة .
كان مسارنا مثاليا إلى أبعد حد، من زاوية تعاطي السلطات مع الأزمة بمبادرات استباقية لاقت الاستحسان والتنويه، والكرة الآن في معترك المواطن الملزم باستشعار خطورة الوضع وقيمة التضحيات المبذولة من لدن مختلف المتدخلين.
بعدما بحت الحناجر، من فرط التحذير من دقة المرحلة، يبقى السؤال الجدي الذي يطرحه كل ممتلك لذرة وعي، خائف على مستقبله وآله ووطنه، منتظرا جوابا صريحا فصيحا : ما الفائدة من كل هذه التضحيات، إذا كان البعض منا مفتقدا للحس الجماعي، والعيش معا تحت سماء وطن واحد، غير آبه بالأهوال المرتبطة بعدو غير مرئي، مستعد ليستمر جاثما علينا خانقا لأنفسنا.
أمام المواطن أسبوعان لمزيد انخراط في حرب السلطات ضد كورونا، من خلال الالتزام التام وعدم التراخي، ( لا شيء يعطي الانطباع داخل المدن الكبرى بأننا نعيش حالة استثناء)، وإلا اضطرت السلطات إلى تفعيل إجراءات لا بد منها، رغم ثقل آثارها وفاتورتها على الجميع…بعبارة أخرى، الالتزام إلى حين انقشاع الغمة، وإلا تحول المؤقت إلى دائم ….وضع أكيد لا أحد يطيقه، وغير مستعد لتقبله.