سلايدرما وراء الخبر

من أجل تواصل تفاعلي مع مستجدات كورونا

محمد التويجر
يبدو أن الحرب على فيروس كورونا تحتاج نفسا طويلا وتفاعلا موصولا، من لدن المرابطين بمختلف خطوط الجبهة مع المتغيرات، المسلحين بالحنكة اللازمة وما راكموه من خبرات، حتى يكون أداء الجميع متناغما ينشد تحقيق النتائج المأمولة.
تجليات الحرب على كورونا عديدة ومتداخلة بين الاقتصادي والاجتماعي والنفسي،  كما أن تنزيل خططها يتطلب مجهودا مضاعفا من طرف النسيج المجتمعي المغربي، كل من زاوية مسؤوليته وتخصصه. فإذا كان رجال والقوات المسلحة الملكية والدرك والأمن مكلفون بمراقبة درجة الالتزام بالحجر الصحي، والأطقم الطبية ملامسة في كل وقت وحين لشبح العدوى، يكتسي شق الإعلام والتواصل أهمية خاصة،وتموقعا حساسا داخل المنظومة…كيف لا وهو المواكب الكاشف عن جديد الحرب، من حيث تقديم أخبار الجائحة، وتحليلها من طرف متخصصين لغاية التحسيس بدقة المرحلة وصعوبتها، وقطع الطريق على مناورات المتربصين الذين يتحينون أدنى فرصة لبث سموم إشاعاتهم وأنبائهم  الزائفة، الرامية إلى زعزعة تركيز المغاربة ودفعهم إلى التشكيك في جدوة خطط المواجهة.
وقبل تفصيل الموضوع، غني عن البيان أن حق المواطن في الحصول على المعلومة واحد من مرتكزات مضامين دستور 2011، وأي محاولة لحجبها أو احتكارها تستوجب إعمال القانون المؤطر، قصد تقويم الاختلال وضمان الاستفادة من الحق المذكور بالانسيابية والنجاعة المطلوبين .
لن أتوقف عند الإعلام الإلكتروني، المحتاج إلى غربلة حقيقية للتمييز بين غثه وسمينه، في ظل أن العديد من مواقعه تحاول، بشكل مقرف مفتقد لأدنى أبجديات أخلاقيات المهنة، تطويع الجائحة لإشباع نهم تحقيق البوز وعلامات الإعجاب لدى مسؤوليها.
نقر بأن الإعلام العمومي يقوم بالمهام التي يجب أن يضطلع بها، بدرجات متباينة حسب الإمكانيات المتاحة. وواعون بأن استراتيجية تفاعله تحتاج إلى إعادة نظر، بعدما ثبت بالملموس بأنه أسير العموميات، ولا يفسح المجال أمام المختصين،عبر برامج حوارية وإيضاحية، لتبسيط خطورة الفيروس وجعل دلالتها قريبة ميسرة مستوعبة لدى جمهور المتلقين، حتى يكون بمقدورهم استيعاب خطورته وسبل تحصين ذواتهم ضده، ودرجة  تأثيره على مختلف مناحي حياتهم اليومية.
حتى الإطلالة اليومية لمسؤولي وزارة الصحة العمومية سقطت، مع توالي أيام وأسابيع الكورونا، في فخ الرتابة، حيث يخيل للمستمع والمشاهد المنتظم في متابعتها بأن هناك خبرا محررا سلفا لتقديم الحالة الوبائية اليومية، وفق هيكلة محددة، يتم فقط تغيير أرقامها  بشكل دوري، دون تفصيل الإجابة عن أسئلة حارقة يطرحها المواطن دون أن ينال الجواب الشافي، من قبيل الأسباب التي جعلت نصف جهات المملكة مستحوذة على أزيد من 70 في المائة من حالات الإصابة، وما السر وراء بروز جهة الرباط – سلا – القنيطرة فجأة إلى الواجهة، ودور البؤر في اتساع دائرة العدوى، وشرح المصطلحات التقنية المرتبطة بالجائحة (المنحنى المسطح وقاعدة R0 – نسبة الفتك….)، وما هي مؤشرات الرفع التدريجي للحجر الصحي ومراحله، وهل ستكون الجهات المسجلة لأقل الحالات ، أو الخالية منها ، في طلائع المستفيدين من الرفع المذكور.
أمام هذا الشح، يجد المواطن نفسه مضطرا إلى انتظار صدور النسخ الإلكترونية للصحف اليومية كل مساء لبلوغ إشباعه المفتقد، والتعرف على جديد الوباء بالتفصيل اعتمادا على تقارير المراسلين، خصوصا وأن الأرقام المدرجة في موقع الرصد اليومي للحالة الوبائية التابع لوزارة الصحة العمومية فضفاضة لا تفي بالمطلوب، ولا تفصل  عدد المصابين في كل مدينة، رغم أن وسائل العمل الحديثة قادرة على  رصد الوضع الوبائي بالأحياء وليس فقط المدن .
رفعا لكل لبس، نشدد على أن القصد من إبداء هذه الملاحظات ليس الانتقاص من الجهود المبذولة من طرف أطر الوزارة الوصية ومديرية الأوبئة بها أو تبخيسها، بل يحركه فقط وازع الغيرة وروح المواطنة ورغبة تطوير خطة التواصل، وتمتين جسورها بين أطر الوزارة الوصية وجمهور المواطنين الساعين إلى تكوين فكرة متكاملة عن حقائق الميدان بالكلمة والصوت والصورة، بشكل يجعلها عنصرا مؤثرا من الداخل في تحصين نفسه وعبره الوطن أجمع.
عبر التاريخ، شكلت المعلومة والإخبار منعطفا مؤثرا في حسم معادلة الحروب، وفيروس كورونا آخر تجلياتها، فهلا تم التدارك حتى نجتاز الاختبار بسلام وبأقل الأضرار، خصوصا وأننا لمسنا في الآونة الأخيرة نوعا من التراخي بالشارع العام، بشكل يوحي بأن  المواطن بات مستأنسا مع الوضع، متعايشا معه. لذا، يستدعي هذا المتغير الحساس تعديل خطة التواصل والإخبار، أملا في صحوة مواطنة دائمة، لا مكان فيها للاستهتار والتسليم بأن احتمال الإصابة يهم الآخر دون سواه.
الخطب جلل، والخطر محدق، والعدو غير المرئي قادر على التسلل من أدنى الثقوب و، فمزيدا من اليقظة والتواصل العصري الفعال .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية + 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض