
صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 76
إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
الأستاذ أحمد الجبلي :
يعد المرحوم السي أحمد الجبلي أحد أبرز الأساتذة المبرزين في مجال الرياضيات، تسنى له أن يبرز في هذا النوع من العلوم، لتمكنه من ناصيتها. فنحن أمام مفكر يدهشك بعمق تفكيره واستقلالية رأيه .. فهو ليس مجرد جسر ناقل أو موصل للأفكار والنظريات الرياضية، لكنه نمط آخر مختلف عن غيره ممن نعرف ويكفي النظر إلى بعض إسهاماته العلمية في البحث والتأطير، وما له من منشورات بالمجلات الوطنية والدولية، لتتضح صورة الرجل العالم وفق ما يقتضيه العقل ويتطلبه العلم .. يشهد له الجميع بالتمكن والتميز والظهور المشرف.
ولد الأستاذ الدكتور أحمد الجبلي بمدينة أسفي يوم 15 دجنبر 1944. فهو ينحدر من عائلة كريمة وعريقة ذات بيت دين وعلم ومعرفة على حد ما جاء عند الفقيه الكانوني من خلال كتابه “جواهر الكمال في تراجم الرجال” متحدثا عن أحد أجداد السي أحمد الجبلي، ” إبراهيم بن محمد الجبلي الأسفي نزيلها .. أصله من شرفاء العلم .. ينتسب لأولاد برهون المعروفين ببني يفرح من ذرية الإمام سيدي محمد بن ادريس الحسني .. نشأ بجبل العلم، وهناك حفظ القرآن الكريم وجوده، ثم انحدر للجنوب المغربي لأسباب لا نعلمها، فنزل على القائد الحاج محمد بن التمار بعبدة، وتزوج هناك، ثم على القائد محمد بن الغنيمي العبدي، وزوجه القائد المذكور بنته فأقرأ بمدرستهما معا، ولما نقل القائد محمد الغنيمي لفاس معزولا حوالي سنة 1261 ه وتنقل المترجم لمدينة أسفي ..”
من هنا، يتبين أن نبوغ السي أحمد الجبلي لم يأت من فراغ، بل هو سليل أسرة عالمة، فكيف لا يتأسى بما كان عليه أجداده من الجبلة والوقار.
نذكر أن السي أحمد الجبلي ـ رحمه الله ـ قد توج مساره التعليمي بالحصول على الدكتوراه في الرياضيات .. فهو خبير في هذا المجال العلمي الصرف .. أهلته تجربته ليتقلد عدة مناصب عالية ، منها مدير المدارس العليا لأساتذة على الصعيد الوطني، ومدير المدرسة المحمدية للمهندسين بالرباط، كما كان رئيسا لجامعة ابن زهر بأكادير ورئيسا أيضا لجامعة القاضي عياض بمراكش، أبان خلال هذه المهام الصعبة عن تجربة وحنكة متميزتين. وقد أثبت أنه الرجل المناسب في المكان المناسب، وهو ذلك المسؤول المخلص الصادق الذي يقدر معاني المسؤولية ويرتقي بها إلى أعلى درجاتها أداء وكفاية. لذلك، من الصعوبة وصف أخلاقيات هذا الرجل رحمه الله بعلمه وعمله وسلوكه، نرجو من الله العلي القدير أن يتغمده بواسع مغفرته ورضوانه.