
صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 87
إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
الأستاذ محمد بوحميد
ازداد الأستاذ محمد بوحميد بحي تراب الصيني خارج أسوار المدينة العتيقة ، حيث تابع دراسته الأولى قبل أن يتوجه إلى مدارس محمد الخامس بالعاصمة الرباط . وخلال وجوده بالرباط ، تمكن من التعرف إلى الأوساط الصحافية ، فاشتغل متعاونا مع جريدة ” العلم ” وأحيانا مترجما مساعدا لقسم الصحافة في عدد من السفارات الأجنبية .
لقد هيأت له ظروف الإقامة بالرباط ليشارك في طريق الوحدة ، ويتعرف على شخصيات ورموز وطنية ، كمحمد الخامس قدس الله ثراه ، وولي عهده آنذاك مولاي الحسن ( الحسن الثاني طيب الله ثراه ) والمناضل الوطني المهدي بنبركة وغيرهم .. ولما عاد إلى أسفي ، اشتغل كمدرس لمادة الاجتماعيات بإعدادية مولاي يوسف ، وهي المهمة التي ظل يتفانى فيها إلى أن لقي ربه
عرف رحمه الله بتعدد مواهبه وتشعب اهتماماته .. فكان رئيسا للجنة الثقافية بالمجلس البلدي بأسفي ، وخلال تحمله لهذه المسؤولية ، استطاع أن يقدم الشيء الكثير للثقافة في مدينته أسفي . فإليه يعود الفضل في تنظيم الملتقى الفكري بأسفي منذ 1988 إلى جانب نخبة طيبة من أعضاء ذلك المجلس الذين أجمعوا بكل ما كان لديهم من أريحية على إنجاح تلك الملتقيات الفكرية ( الأول والثاني والثالث ) وبفضل هذه المبادرة ، تم إغناء خزانة المدينة بكتب قيمة جمعت بين التاريخ والأدب والجغرافيا والمناقب ساهم في إثرائها أساتذة من العيار الثقيل .. نذكر منهم : محمد عزيز الحبابي والسي أحمد بنجلون وسالم يفوت ومحمد زنيبر ومحمد المنوني والطاهر وعزيز ومحمد بنشريفة ومحمد بوطالب وعمر أفا وحميد التريكي وحليمة فرحات وعبد اللطيف فضل الله والقائمة طويلة .. حبذا لو يتبنى المجلس الحضري الحالي مثل هذه المكرمة الثقافية ، ليعيد للمدينة ألقها الثقافي والفكري خاصة وأن ضمن أعضائه مجموعة طيبة من الرجال الذين يسكنهم الهم الثقافي والغيرة على المدينة .. يكفي فقط أن يأخذوا المبادرة بكل جدية وحزم للدفع بالمجال الثقافي إلى الأمام . فمدينة أسفي اليوم ـ ولله الحمد ـ تحبل بالكثير من الطاقات الفكرية ، وهي مؤهلة لتكون في المستوى ولتعبرعن طموحها العلمي والثقافي ، ولتغير في الآن نفسه تلك النظرة السوداوية عن المجال الثقافي بالمدينة .
أيضا ، لا ننسى الخدمات الثقافية الجليلة التي دأب السي محمد بوحميد على تقديمها لشباب المدينة داخل فضاء دار الشباب علال بن عبد الله الشهيرة ، حيث عمل على تنشيط اللقاءات الثقافية والفكرية . فكان رحمه الله يؤمن بالثقافة باعتبارها ظاهرة طبيعية تتضمن مجموع العناصر الإنسانية التي تشكل فكر الإنسان وسلوكه وتضبط علاقاته مع غيره ، أي مع الكون والحياة والناس . وضمن ذلك ، كانت الثقافة الشعبية حاضرة وبقوة عند الأستاذ محمد بوحميد . فهو يرى في ظواهرها وقضاياها مظهرا من مظاهر الأصالة الوطنية . ومن ثمة ، نذر نفسه للبحث في فن العيطة ، وهو فن قديم ارتبط بدخول القبائل العربيـــــة (بنو هلال وبنو سليم ) إلى المغرب .
يتبع