ثقافة

أزمة النقاش العام: متى نستمع لأهل الذكر؟

الدكتور محمد التهامي الحراق 

أتابع النقاش حول مقترحات تعديل مدونة الأسرة بأسىً كبير… نفس المأزق، نفس الارتباك، نفس التشويش، نفس التغليط…وبدل معالجة القضايا، ينكشف أمامنا في كل قضية حجم عدم الإعداد والاستعداد أخلاقيا وعلميا وتواصليا للحوار الخلاق والمفيد والمنتج والبناء حول هذه القضايا…كل أحد يتحدث في كل شيء…حتى إنك تجد المرء الواحد يتحدث “بيقين” في الرياضة والسياسة والعلم والدين والقانون والاقتصاد والحرب والفلك والطب والملاحة واللباس والموسيقى والتجميل والأدب والفلسفة والسباحة و”الفيل والفول” كما قال أحد أساتذتنا رحمه الله…؛ ما هذا يرحمكم الله؟؟؟…ما هذا التحليل ب”الجملة”؟؟…وإزاء وضع ملتبس تقطنه فوضى الكلام والخلط بين مراتب الأنام، ينزوي جل العلماء والحكماء إلى الصمت؛ لأن صوتهم سوف يُهَجَّن، ورأيهم سوف يُسَفَّه؛ والحوار سيصيره الدخلاءُ سجالا وتناقرا بين الديكة….؛

أيها الأعزاء، لابد من بذل الجهد لإخراس الدخلاء في كل ميدان. طبعا لا معنى للحوار دون اختلاف، لكن بين علماء نظراء ، أما أن يصبح الرأي مشاعا بين الجاهل والعالم، فهذا عنف رمزي يجب مكافحته لإنقاذ أي حوار من البوار:

يَقُولُونَ هذَا الرأيُ جاءَ مِن عندِنا — ومَنْ أنتمُ حتى يكونَ لكمْ عِندُ

لا مناص لإنجاح أي حوار، أن يسند لأهله في كل ميدان، وعلى غيرهم أن يسألوا “أهل الذكر”؛ لا أن يناقشوهم عن جهل وعناد مزريين بكل حوار.

يجب استبعاد المشوشين في القضايا المصيرية، بالقانون والعلم. فحرية الرأي تستلزم المسؤولية، ومن المسؤولية أن يتكلم في كل شأن أهلُه. هذا أول شرط لتثمير أي نقاش مفتوح. دون ذلك، علينا أن نعود إلى، ما سبق أن ألححنا عليه؛ إصلاح وتثمير التعليم والإعلام والمساجد لإعادة تأهيل الناس للحوار المدني المفتوح المسؤول، والتمييز بين من يستحق أن يناقش ويبدي رأيا مؤسسا وبين من يجب أن يستفسر ويسأل فقط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 + تسعة =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض