ثقافة

الدكتور عباس الجراري ، شخصية موسوعية متعددة العطاءات -الحلقة 16

إعداد : د. منير البصكري الفيلالي

  عطفا على ما سبق في الحلقة الماضية ، يضيف الدكتور الجراري أكرم الله مثواه  قائلا :” إن القدرات موجودة في العالم الإسلامي، ومع الوعي بها والثقة فيها، يمكن أن نبدع وننتج الرقي والتقدم، في حين نستهلك اليوم التنمية والإنتاج اللذين يقدمهما لنا العالم الذي أحس بذاته وقدراته، دون تحقيق التنمية بمفهومها الشمولي المؤدي إلى الرّقيّ والتقدم  ” .

    على هذا الأساس ، تتجلى أهمية الثقافة في كونها تصنع الإنسان وتنمي قدراته وتوجه ميوله وتصرفاته في حياته وفي مختلف جوانبها الفكرية والجمالية والروحية ، معرفتها وتذوقها والتعايش بها، فوظيفتها بمثابة وظيفة التهذيب والتشذيب للشجرة والرعاية والعناية بها حتى تحيى وتنمو وتزهر وتثمر في أحسن الظروف ، ويمكن أن ترقى الثقافة بالإنسان كما في الدول الراقية ، حيث القيم والأنظمة الراقية، أو تتقهقر به كما في الدول المتخلفة حيث القيم والأنظمة المتخلفة، إلى درجة تجد فيها شعوب هذه الدول تتصرف على طرفي نقيض اتجاه نفس العادات والمعتقدات والمواقف ومختلف القضايا .

    إن أستاذنا الجليل  الدكتور عباس الجراري رحمه الله ، ما فتئ يبذل الكثير من الجهود  منذ ما يزيد عن أربعة عقود في مجال تأسيس ثقافة إبداعية رصينة ومتزنة ، وينشر الاهتمام بالتراث المغربي جمعا وتحقيقا ودراسة، وإخراجه من غياهب النسيان وجعله في مصاف الآداب العربية والإسلامية والعالمية بما يزخر به من روائع النثر والشعر ونفائس التأليف ، وقد أنتج هذه الاهتمام عند الدكتور عباس الجراري ظهور مدرسة فكرية أدبية علمية ثقافية بحثية بالمغرب عنيت بإخراج تراث الوطن . ولطالما كان تراث الأمم ركيزة أساسية من ركائز هويتها الثقافية وعنوان اعتزازها بذاتيتها الحضارية في تاريخها وحاضرها ، ولطالما أيضا كان التراث الثقافي مصدرا للإلهام والإبداع والعطاء .. لتأخذ الإبداعات موقعها في خارطة التراث الثقافي ، ولتتحول تراثا ثقافيا يربط حاضر الأمة بماضيها . فهي ممتلكات وكنوز وسند مادي و لامادي ، من خلالها تستمد الأمة جذورها وأصالتها ، لتضيف لها لبنات أخرى في مسيرتها الحضارية ، لتحافظ على هويتها وأصالتها .

يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر − إحدى عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض