
حصيلة مشرفة لولد الرشيد على رأس مجلس المستشارين
السادة الوزراء المحترمون؛
السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛
نصل اليوم إلى محطة اختتام دورة أبريل من السنة التشريعية 2024/2025، تطبيقا لمقتضيات الفصل 65 من الدستور، والمادة 21 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، وهي محطة مؤسساتية تتجاوز طابعها الاجرائي الدستوري، لتشكل مناسبة للتقييم الموضوعي، ووقفة جماعية لقراءة حصيلة دورة نعتبرها متميزة، بما اتسمت به من دينامية وانخراط مسؤول، ومواكبة يقظة للتحولات البنيوية العميقة التي تشهدها بلادنا تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده.
ويأتي انعقاد هذه الجلسة في ظل سياق وطني مميز، يتزامن مع استعدادات الشعب المغربي للاحتفاء بالذكرى السادسة والعشرين لتربع جلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، على عرش أسلافه المنعمين، بما تحمله هذه المناسبة المجيدة من رمزية وطنية، ودلالات عميقة راسخة في الوجدان الجماعي، باعتبارها عنوانا للوحدة الوطنية، وضمانة لترسيخ واستمرار المسيرة التنموية، ومصدر إلهام لجهودنا الجماعية في خدمة الوطن والمواطنين.
حضرات السيدات والسادة
ولئن كانت ثقة مكونات المجلس قد منحتني شرف رئاسة هذه المؤسسة في مستهل السنة التشريعية الجارية، فإن الالتزام الجماعي الذي عبرنا عنه آنذاك، بتعزيز أدوار المجلس وتجويد حضوره المؤسساتي، قد وُضع موضع التنفيذ، من خلال عمل دؤوب يستند إلى رؤية استراتيجية واضحة، تقوم على ثلاث ركائز متقاطعة:
أولها: الالتزام بالتوجيهات الملكية السامية، خاصة ما ورد في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من هذه السنة التشريعية، باعتباره خطابا موَجِّها للبرلمان ولكل الفاعلين المؤسساتيين؛
وثانيها: استحضار المعنى الدستوري العميق لتمثيل الأمة، باعتباره وظيفة سامية تقوم على الاقتراح والمساءلة والتقييم؛
وثالثها: التنفيذ الدقيق للمخطط الاستراتيجي للمجلس للفترة 2024–2027، الذي تم إنزاله هذه السنة وفق مقاربة تشاركية، ليس فقط على مستوى الالتزامات بل أيضا من حيث النتائج، وهو المخطط الذي تم تجاوزه في العديد من محاوره، بفضل دينامية الفرق والمجموعات، وتفاعل أجهزة المجلس، والتكامل البرلماني المؤسساتي مع الحكومة.
وما من شك أن مجرد نظرة أولية في حصيلة هذه الدورة، كفيلة بإبراز ما شكلته من إضافة نوعية في المسار المتواصل لعمل المجلس، بالنظر إلى ما حملته من دينامية قوية، تعكس انخراطا واعيا ومسؤولا في ترسيخ مقومات المشروع التنموي الشامل، الذي يروم إرساء أسس اقتصاد تنافسي، ومجتمع متماسك، ومجالات ترابية منصفة.
وهو مشروع ملكي طموح تتقاطع في خدمته مختلف الأوراش الوطنية المفتوحة، من إصلاح منظومات التعليم والصحة والعدل، وإعادة هيكلة نظام الحماية الاجتماعية وتعزيز ركائز الدولة الاجتماعية، وتسريع وتيرة التحول الرقمي والانتقال الطاقي، وتجويد مالية الجماعات الترابية والمالية العمومية، وتكريس العدالة المجالية والتوازن الجهوي، ودعم السيادة الوطنية في أبعادها المختلفة.
ونحن نستحضر، أيها السيدات والسادة المستشارين المحترمين، هذه الدينامية الإصلاحية، نعبر في ذات الوقت عن وعينا الجماعي بدقة المرحلة التي واكبت أشغالنا، في ظل تضافر رهانات داخلية، تفرضها الانتظارات الاجتماعية والضغوط الاقتصادية، مع تحديات السياقين الإقليمي والدولي، اللذين لا يزالان يرزحان تحت تداعيات غير مسبوقة من التوتر وعدم الاستقرار، لاسيما في محيطنا العربي وجوارنا الأوربي وعمقنا الإفريقي.
ورغم جسامة هذه التحديات، تظل قناعتنا راسخة، كأمة موحدة وملتفة حول العرش العلوي المجيد، بأن الحفاظ على مكتسباتنا الاستراتيجية رهين بتوطيد التلاحم المؤسساتي، وحسن توظيف إمكاناتنا الوطنية، واستشراف المستقبل برؤية واضحة وإرادة جماعية صلبة.
وفي هذا السياق، نعتقد أن ما طبع هذه الدورة من نقاشات ومبادرات تشريعية ورقابية وديبلوماسية، قد جاء في سياق عالمي متقلب، مطبوع باستمرار تداعيات الأزمات الاقتصادية الدولية، وتزايد المطالب الاجتماعية، وارتفاع منسوب الترقب لدى الفاعلين الاقتصاديين ببلادنا، نتيجة الاستحقاقات والتظاهرات الدولية والقارية المقبلة، فضلا عن تصاعد الحملات العدائية الممنهجة ضد وحدتنا الترابية، في محاولات يائسة لمواجهة ما تحققه بلادنا من مكتسبات سياسية ودبلوماسية متنامية.
وفي مواجهة هذه التحديات، لم يركن مجلس المستشارين إلى موقف المراقب، بل انخرط بكامل مكوناته، من مكتب ولجان وفرق ومجموعات، وانطلاقا من صلاحياته الدستورية، في دعم قضايا الوطن، وتعزيز الأدوار المنوطة به.
فقد أكدت هذه الدورة، بما حملته من رسائل سياسية قوية، وما جسدته من انسجام بين مقتضيات الدستور ومتطلبات المرحلة، أن مجلس المستشارين ليس مجرد فاعل تشريعي ورقابي فحسب، بل أثبت دوره كمؤسسسة دستورية وازنة، وصوت من أصوات الأمة، ورافعة أساسية للدفاع عن المصالح العليا للبلاد، في عالم لا يعترف إلا بالقوة، ولا يقدر إلا الدول الواثقة برؤيتها، الواضحة في اختياراتها، والمثابرة على تحقيق طموحاتها بثبات وحكمة وبعد نظر.
حضرات السيدات والسادة
استنادا إلى هذه الرؤية، حرص مجلس المستشارين خلال هذه الدورة على الاضطلاع بكامل مسؤولياته الدستورية، في التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية والدبلوماسية البرلمانية والعلاقات مع المؤسسات الدستورية والمجتمع المدني، في تناغم تام مع الدينامية الوطنية الكبرى، وفي تفاعل مستمر مع تطلعات وهواجس المواطنات والمواطنين، مساهمة منه في بناء مغرب متقدم أكثر عدالة، وأكثر إشعاعا واستقرارا، تحت القيادة الملكية الملهمة.
فعلى مستوى الحصيلة التشريعية لهذه الدورة، حرص مجلس المستشارين خلال هذه السنة التشريعية على مواكبة الأوراش الإصلاحية الكبرى التي انخرطت فيها بلادنا، وذلك من خلال التفاعل المسؤول مع مشاريع القوانين، والتعاطي المؤسساتي الجاد مع المبادرات التشريعية الصادرة عن أعضاء المجلس.
وإذا كانت الحصيلة التشريعية لهذه الدورة تعكس، على المستوى الكمي، أهمية الإنتاج القانوني للمجلس، والانخراط القوي والمنتظم لمكوناته، فإن ما يضفي عليها معناها الأعمق ويمنحها قيمتها المضافة، هي الحصيلة النوعية المسجلة، والتي خصت جوانب مختلفة من توجهات السياسات العمومية لبلادنا.
فعلى مستوى المنظومة القضائية، لا يخفى عليكم، أن من أبرز ما طبع السنة التشريعية الجارية، إدراج نصوص تشريعية تُعد من ركائز المنظومة القانونية الوطنية، وفي طليعتها مشروعي القانون المتعلق بالمسطرة المدنية، والقانون المتعلق بالمسطرة الجنائية، واللذين يخضعان للمراجعة الشاملة، بعد أزيد من نصف قرن بالنسبة للأول، وما يقارب عشرين سنة بالنسبة للثاني، وقد حظيا بمشاركة فعالة ومشهودة وتعبئة كبيرة في صفوف السيدات والسادة المستشارين، كانت في مستوى اللحظة التشريعية.
إلى جانب ذلك، صادق المجلس على على نصوص أخرى تحظى بأهمية خاصة بالنسبة لنظام العدالة بالمغرب، وهي المتعلقة بالقانون التنظيمي رقم 09.25 بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، والقانون رقم 46.21 يتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين، في انتظار توسيع دائرة الإصلاح التشريعي في مجال منظومة العدالة ببلادنا خلال ما تبقى من الولاية التشريعية الحالية، وخلال الفترة القادمة التي نستبشر بأن تعرف دينامية تشريعية كبيرة على هذا المستوى.
وفي امتداد لهذا النفس التشريعي، الذي وسم هذه الدورة، صادق المجلس على مشروع قانون بالغ الأهمية يتعلق الأمر بالقانون رقم 33.22 المتعلق بحماية التراث، والذي جاء بمجموعة من الآليات القانونية والتنظيمية الجديدة، تروم تحصين الرصيد الرمزي والتاريخي والحضاري للمغرب، مما يضفي على هذا القانون طابعا سياديا، وأهمية قانونية كبرى.
وفي السياق ذاته، تم اعتماد مشروع القانون رقم 24.35 بتغيير وتتميم القانون رقم 65.00 المتعلق بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض وبسن أحكام خاصة، الذي يعتبر مشروعا مهيكلا لنظام التغطية الصحية الإجبارية بالمغرب، بالنظر لما يتضمنه من مستجدات على مستوى تدبير هذا النظام، استجابة لمتطلبات القانون الإطار رقم 09.21 يتعلق بالحماية الاجتماعية.
كما تمت المصادقة على مشروع القانون رقم 35.25 يتعلق بمؤسسة المغرب 2030، والذي يأتي في إطار تنسيق البرامج والخطط والسياسات في المجال الرياضي، في أفق تنظيم المملكة لكأس العالم فيفا 2030، إلى جانب قوانين أخرى أساسية، شملت مشروع القانون رقم 14.25 بتغيير وتتميم القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات الترابية، ومشروع قانون التصفية للسنة المالية 2023، ومشروع القانون رقم 03.25 يتعلق بهيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة، ومشروع القانون رقم 75.24 بتتميم القانون رقم 12.06 المتعلق بالتقييس والشهادة بالمطابقة والاعتماد، ومشروع القانون رقم 20.25 بالمصادقة على المرسوم بقانون رقم 2.25.302 الصادر في 5 شوال 1446 (4 أبريل 2025) بتغيير القانون رقم 52.20 المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للمياه والغابات، ومشروع القانون رقم 23.25 يقضي بالمصادقة على المرسوم بقانون رقم 2.25.168 الصادر في 27 من رمضان 1446 (28 مارس 2025) بتتميم القانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وبإحداث اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار.
كما تم خلال صبيحة اليوم التصويت بالرفض على مقترح قانون يقضي بتغيير وتتميم المادة 20 من القانون بمثابة مدونة الأسرة.
أما على مستوى المساهمة التشريعية لأعضاء المجلس، فقد عرفت النصوص المصوت عليها خلال هذه الدورة إسهاما تشريعيا فعالا وواسعا، حيث بلغ مجموع التعديلات المقترحة على نصوص القوانين ومشاريع القوانين التي صادق عليها المجلس خلال هذه الدورة، 1039 تعديلا، تم قبول 375 منها، واستأثر قانون المسطرة المدنية بحصة تقارب نصفها، وبنسبة بلغت 48,5% من مجموع التعديلات المقبولة، وهي نسبة تقترب من النسبة المحققة أيضا بخصوص قانون المسطرة الجنائية، الذي استأثر بحصة فاقت 41% من مجموع التعديلات المقبولة.
وهو ما يعبر عن حجم الاهتمام الكبير الذي حظي به مشروعا القانونين المذكورين، ويعبر عن الأهمية البالغة التي يكتسيانها بالنسبة إلى منظومتنا القانونية.
وفي هذا الباب، أود أن أنوه بالمقاربة التي تبنتها لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بالمجلس بالتعاون مع الحكومة، ممثلة في وزارة العدل، بخصوص الدراسة المكثفة لمقترحات التعديلات والتوافق بشأن صيغتها بين جميع مكونات المجلس والحكومة، خاصة بمناسبة دراسة التعديلات المقدمة على مشروع قانون المسطرة الجنائية.
وتماشيا مع هذا الزخم الحاصل على مستوى العمل التشريعي، وتعزيزا لدينامية ونجاعة الأداء، شكلنا داخل مكتب المجلس لجنة يناط بها تثمين المبادرة التشريعية للسيدات والسادة المستشارين، وتقديم الاقتراحات الضرورية للرفع من نجاعة مساطر برمجة مقترحات القوانين المقدمة من أعضاء المجلس أو المحالة من مجلس النواب، كخطوة تمهيدية، لمخطط أشمل وأكثر تكاملا، سننكب جميعا على بلورته، مع بداية السنة التشريعية المقبلة، من أجل مواجهة جميع التحديات والرهانات المطروحة على مستوى الممارسة التشريعية البرلمانية، لا سيما ما يرتبط منها بالمتطلبات واستثمار التكنولوجيات الحديثة والذكاء الاصطناعي.
وفي ما يعود إلى الحصيلة الرقابية للمجلس، فقد تم، خلال دورة أبريل 2025، عقد ثلاثة عشرة (13) جلسة للأسئلة الشفهية الأسبوعية، تم خلالها مساءلة 27 قطاعا حكوميا، بشأن مواضيع مختلفة تتماشى مع التساؤلات وتتجاوب مع الإكراهات المطروحة لدى المواطنات والمواطنين، مشكلة امتدادا للنقاشات البرلمانية الجادة خلال جلسات مساءلة رئيس الحكومة أو أشغال اللجان الدائمة، وللقضايا المطروحة على المستوى الترابي والاجتماعي والتنموي على وجه خاص.
لذلك، وكعادته، استأثر القطاع الفلاحي بحيز واسع من اهتمام السيدات والسادة المستشارين، لاسيما الشق المتعلق بتدبير الموارد المائية في ظل التساقطات المطرية والثلجية المهمة التي عرفتها بلادنا خلال هذه السنة، بعد أن عانت في السنوات الأخيرة من ندرة المياه وشح التساقطات وعدم انتظامها، وكذا موضوع الحفاظ على قطيع الماشية الوطني الذي عرف تراجعا ملحوظا كان من انعكاساته عدم القيام بشعيرة الأضحية في عيد الأضحى لهذا العام.
وفي المجال الاجتماعي انصب الاهتمام على السياسة العمومية في مجال الأسرة، وحصيلة برنامج دعم السكن الاجتماعي، والسياسة الحكومية في مجال التشغيل، ومخرجات الحوار الاجتماعي، باعتبارها إحدى ركائز الدولة الاجتماعية وعنصرا مهما للسلم الاجتماعي.
وفي الجانب الاقتصادي والتنموي ركز السيدات والسادة المستشارون على مواضيع من قبيل مآل إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، ومقاربة الحكومة للحد من حجم الاقتصاد غير المهيكل، وحكامة الصفقات العمومية، وتعزيز الصادرات الوطنية، واستراتيجية استخدام وتطوير الذكاء الاصطناعي، وذلك لخلق مناخ ملائم للأعمال وللمقاولة من أجل النهوض بالاقتصاد الوطني وتعزيز تنافسيته. خصوصا في ظل الاستعداد للاستحقاقات والرهانات الرياضية والاقتصادية المهمة التي تنتظر بلادنا في السنوات المقبلة، والتي تتطلب تكثيف الجهود وتعبئة الاستثمارات العامة والخاصة، من أجل إنجاحها على كافة الأصعدة.
وفي ما يخص الأسئلة الشفهية والكتابية، فقد بلغ عدد الأسئلة الشفهية المتوصل بها خلال دورة أبريل 2025 ما مجموعه 1256 سؤالا، تمت برمجة 301 سؤالا منها خلال 13 جلسة عامة، من ضمنها 113 سؤالا آنيا و188 سؤالا عاديا.
وقد توزعت أسئلة السيدات والسادة المستشارين قطاعيا كما يلي:
- القطاعات الاقتصادية بنسبة (38 %)؛
- القطاعات الاجتماعية بنسبة تعادل حوالي (25 %)؛
- قطاع الشؤون الداخلية والبنيات الأساسية بنسبة (21 %)؛
- المجال الحقوقي والإداري والديني بنسبة (13 %)؛
- وأخيرا قطاع الشؤون الخارجية بنسبة (3 %).
بينما بلغ عدد الأسئلة الكتابية المتوصل بها خلال نفس الدورة ما مجموعه 1170 سؤالا، أجابت الحكومة على 726 سؤالا منها، تشمل أسئلة من الدورة المنتهية وأخرى من الدورات السابقة.
وعلى صعيد التزامات وتعهدات السيدات والسادة الوزراء خلال جلسات الأسئلة الشفهية فقد تم حصر مجموعة من التعهدات لأعضاء الحكومة بالتفاعل مع عدد من القضايا والمطالب المجتمعية المعبر عنها في أسئلة السادة المستشارين، كما توصلت رئاسة مجلس المستشارين خلال هذه الدورة بأجوبة السيدات والسادة الوزراء عن مآلات التعهدات التي تم جردها خلال أجوبتهم عن الأسئلة الشفهية الموجهة إليهم من طرف بعض الفرق والمجموعات البرلمانية خلال جلسات الأسئلة الشفهية برسم دورة أكتوبر 2024، ويتعلق الأمر بكل من:
وزير العدل، وزير التجهيز والماء، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وزير التجارة والصناعة، وزير الشباب والثقافة والتواصل، كاتب الدولة لدى وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
وعلى صعيد الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة، فقد عقد المجلس جلستين شهريتين خاصتين بـتقديم الأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل السيد رئيس الحكومة طبقا لمقتضيات الفصل 100 من الدستور، الأولى: حول موضوع “السياسة العامة المرتبطة بترسيخ مقومات الإنصاف والحماية الاجتماعية”، والثانية: حول موضوع “الحصيلة الاقتصادية والمالية وأثرها على دينامية الاستثمار والتشغيل ببلادنا”.
وقد شكلت الجلستان فرصة سانحة لملامسة التقدم الحاصل في مجال النهوض بنظام الحماية الاجتماعية ببلادنا، الذي أضحى يشكل سياسة عامة جوهرية لبلادنا منذ بداية انتشار وباء كورونا، ويحظى برعاية وتتبع خاص من قبل صاحب الجلالة نصره الله، وكذا للوقوف عند المعالم البارزة لحصيلة عمل الحكومة على مستوى دينامية الاستثمار والتشغيل.
ارتباطا بذلك، وتماشيا مع الأهمية الخاصة التي يوليها مجلسنا الموقر لقضايا التشغيل والاستثمار والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، فقد شكل المجلس، خلال دورة أكتوبر المنصرمة المجموعة الموضوعاتية المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية لمناقشة وتقييم السياسات العمومية المرتبطة بالاستثمار والتشغيل.
وقد نظمت مجموعة العمل ، يوم 11 يونيو المنصرم، ندوة وطنية في موضوع “الاستثمار والتشغيل والتحول البنيوي في المغرب: نحو حكامة ترابية جديدة دامجة”، وهي الندوة التي مكنت من الوقوف عند التفاعلات القائمة بين السياسات الاقتصادية الكبرى ومناخ الأعمال وديناميات التشغيل، في ارتباط برهانات الحكامة الترابية.
وقد واصلت هذه المجموعة عملها وفقا لمنهجية وبرنامج عمل صارمين، شملا جلسات استماع وندوات وزيارات ميدانية ولقاءات مع خبراء ومتخصصين وفاعلين في مجال السياسات العمومية موضوع التقييم، إلى أن تمكنت من إيداع تقريرها خلال هذه الدورة والذي كان موضوع مناقشة مع الحكومة في الجلسة العامة المنعقدة صباح هذا اليوم، والتي عرفت مساهمة فاعلة من قبل أعضاء المجلس ومن قبل الحكومة، التي عبرت مشاركتها في هذه الجلسة، كَمًّا ونَوْعًا، بشكل واضح عن مقدار الانشغال الكبير بتقييم السياسات العمومية المذكورة.
وضمن نفس الدينامية، واصلت مجموعات العمل الموضوعاتية المؤقتة المحدثة من قبل المجلس، خلال هذه الدورة، تنفيذ برنامج عملها المرحلي، حيث نظمت المجموعة الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بتقديم الاستشارة حول قضية الصحراء المغربية، يوم الاثنين 5 ماي 2025، ندوة وطنية بمقر مجلس المستشارين، تحت عنوان “البرلمان المغربي وقضية الصحراء المغربية: من أجل دبلوماسية موازية ناجحة وترافع مؤسساتي فعال”، والتي خلصت أشغالها إلى التأكيد على الدور المحوري لمبادرة الحكم الذاتي ضمن السيادة المغربية كحل واقعي وحيد للنزاع المفتعل، وعلى أهمية تثمين المكاسب الدبلوماسية والميدانية التي حققتها بلادنا بقيادة جلالة الملك نصره الله وأيده.
وفي يوم 21 من شهر يونيو المنصرم، عقدت المجموعة ذاتها ندوة وطنية كبرى بمدينة العيون، تحت شعار “الصحراء المغربية: من شرعية التاريخ إلى رهانات المستقبل”، بمشاركة شيوخ القبائل ونخب من الأقاليم الجنوبية وخبراء وأكاديميون.
وقد جاءت أشغال ندوة العيون لتؤكد نضج المقاربة المغربية في معالجة قضية الصحراء، من خلال رؤية متكاملة تجمع بين شرعية التاريخ، ومرجعية القانون الدولي، وفعالية العمل التنموي الميداني، إذ شكلت الندوة نموذجا مؤسساتيا ناجعا للترافع الوطني، يقوم على إشراك حقيقي لشيوخ القبائل والنخب المحلية، وتكثيف متواز للجهد الدبلوماسي والتنموي، بما يعزز مغربية الصحراء كاختيار سيادي متجذر ومشروع مستقبلي واعد.
وإعمالا لأحكام المادتين 144 و147 من النظام الداخلي لمجلسنا الموقر، ستستمر المجموعة الموضوعاتية المكلفة بإعداد تقرير حول “القضية الوطنية الأولى للمغرب” في الاضطلاع بمهامها، الرامية إلى رفع تقرير في الموضوع إلى مكتب المجلس.
حضرات السيدات والسادة
بذلك يكون مجلسنا الموقر، قد عقد خلال هذه الدورة، ما مجموعه 24 جلسة عامة، بين جلسات الأسئلة الشفهية، الأسبوعية والشهرية، وجلسات التشريع وتقييم السياسات العمومية والجلسات الخاصة، بحصة زمنية قاربت 54 ساعة عمل.
أما بالنسبة إلى اللجان الدائمة، فقد استأثرت الأشغال التشريعية بمجمل حصيلة عملها خلال هذه الدورة، حيث عقدت اللجان الدائمة خلال هذه الدورة 30 اجتماعا، بمدة زمنية قاربت 80 ساعة عمل.
بينما خصصت لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية اجتماعين اثنين للإخبار بمرسوم فتح اعتمادات إضافية برسم السنة المالية 2025، عملا بأحكام الفصل 70 من الدستور والمادة 60 من القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية، وللاستماع إلى والي بنك المغرب حول “إصلاح نظام الصرف”، علاوة على تنظيمها لزيارة الميدانية لمصالح المديرية العامة للضرائب بالرباط.
وبخصوص العلاقة بالمؤسسات الدستورية، اتسمت هذه الدورة بالاستمرار في نهج سياسة الانفتاح، وفق توجه يهدف إلى تعزيز العلاقة القائمة بين مجلسنا الموقر والمؤسسات الدستورية، وفق ما هو مسطر دستورا وقانونا، إن تعلق الأمر بالمحكمة الدستورية أم المجلس الأعلى للحسابات أم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حيث استمر المجلس في تلقي الآراء الصادرة عن هذا الأخير، بشأن مواضيع مختلفة، كما حافظ على حضوره الدائم كملاحظ في أشغال جلساته العامة ولقاءاته التواصلية.
حضرات السيدات والسادة
وفيما يتعلق بالدبلوماسية البرلمانية، فقد تميزت هذه الدورة، وبمساهمة كافة مكونات المجلس، بمواصلة تقوية التعاون البرلماني الثنائي والمتعدد الأطراف على مستوى مختلف المناطق الجيوسياسية بهدف الدفاع، ضمن منظومة الدبلوماسية الوطنية، عن القضايا الاستراتيجية والحيوية للمملكة المغربية، وعلى رأسها القضية الوطنية.
كما تميزت هذه الدورة بمواصلة مجلس المستشارين تنزيل مخططه الاستراتيجي لنصف الولاية 2024-2027، وفق الآليات والمبادرات الجديدة المقترحة في مجال الدبلوماسية البرلمانية، تفعيلا للخطاب السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، بمناسبة افتتاح دورة أكتوبر 2024، وما تضمنه من توجيهات ملكية سامية مؤطرة للعمل الدبلوماسي للبرلمان، بمجلسيه، واستحضارا لتأكيد جلالته حفظه الله، على أهمية الدبلوماسية البرلمانية والدور الفاعل الذي ينبغي أن تنهض به في كسب المزيد من الدعم لمغربية الصحراء، وتوسيع التأيـيد الدولي للمبادرة المقدامة للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، كحل وحيد وأوحد للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
ومن هذا المنطلق، عرفت دورة أبريل تنظيم مجلس المستشارين لتظاهرات برلمانية بارزة ومبادرات وزيارات نوعية، في مقدمتها، النسخة الأولى للمنتدى البرلماني للتعاون الاقتصادي بين المملكة المغربية وبرلمان المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا (سيماك)، الذي انعقد، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، بمدينة العيون، بشراكة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب.
وهو المنتدى الذي أحدثناه بموجب مذكرة التفاهم التي وقعناها مع رئيس برلمان سيماك، خلال زيارته للمملكة المغربية في شهر يناير 2025، ليكون آلية لتجسيد رؤية جلالته حفظه الله بشأن ترسيخ التعاون جنوب-جنوب، ولاستشراف آفاق تطوير الشراكة مع الدول الشقيقة بوسط إفريقيا، وهي الكاميرون، تشاد، إفريقيا الوسطى، غينيا الاستوائية، الغابون، والكونغو.
وقد عرفت أشغال المنتدى مشاركة وازنة ونوعية، ضمت إلى جانب مكونات المجلس، أعضاء برلمان سيماك ورؤساء منظمات رجال الأعمال ببلادنا وهذه الدول، ووزراء ورؤساء مؤسسات مالية مغربية، ومنتخبين محليين بمدينة العيون، وشكلت فرصة للحوار وتبادل الرؤى حول سبل تعزيز التعاون الاقتصادي وتنمية المبادلات التجارية بين المغرب ودول المجموعة، بما يخدم إقامة مشاريع تنموية مشتركة، ويساهم في دعم دينامية الاندماج الاقتصادي الإفريقي، في سياق تفعيل اتفاق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (ZLECAF).
وفي امتداد لهذا الزخم الدبلوماسي، نظم مجلس المستشارين النسخة الثالثة لمنتدى الحوار البرلماني جنوب-جنوب، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، بشراكة مع رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي، تحت شعار: “الحوارات البين إقليمية والقارية بدول الجنوب: رافعة أساسية لمجابهة التحديات الجديدة للتعاون الدولي وتحقيق السلم والأمن والاستقرار والتنمية المشتركة”.
وهو المنتدى الذي جاء تفعيلا للرؤية الملكية السامية الرامية إلى تعزيز التعاون جنوب-جنوب، من خلال الانفتاح على التجارب الإقليمية وتقوية آليات الحوار البرلماني بين بلدان الجنوب، باعتباره رافعة لتعزيز التكامل الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة وترسيخ السلم والاستقرار.
وقد أكدنا خلال هذه الفعالية على أن هذا اللقاء سيخلد في سجل التعاون البرلماني المشترك، باعتباره محطة مضيئة في المسيرة الجماعية للمنتدى، اجتمع فيه مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة، والاتحادات البرلمانية الجهوية والإقليمية والقارية، ممثلة لأربعين دولة، من ضمنها اثنتان وثلاثون رئيسة ورئيسا، ينتمون إلى أربع مجموعات جيوسياسية كبرى وعلى قدر كبير من الأهمية بالعالم، لمواصلة الحوار والتشاور والتفكير الجماعي بشأن القضايا التي تهم دول الجنوب.
وفي نفس السياق، شكل اجتماع منتدى بلدان إفريقيا وأمريكا اللاتينية والكراييب (أفرولاك)، الذي احتضنه مجلس المستشارين، محطة نوعية أخرى في مسار ترسيخ انخراطه في توطيد جسور التعاون البرلماني بين الاتحادات والجمعيات البرلمانية في إفريقيا ومنطقة أمريكا اللاتينية، حيث عرف مشاركة برلمانيين ورؤساء هيئات تشريعية عن المنطقيتن، سلطوا الضوء على أهمية العمل الجماعي لمواجهة التحديات المتزايدة، لاسيما المرتبطة منها بالأمن الغذائي وتغير المناخ وتعزيز التنمية المستدامة.
وسعيا إلى إرساء مقومات مؤسسية مستدامة لمنتدى الحوار البرلماني جنوب–جنوب، احتضن مجلس المستشارين الاجتماع التأسيسي لشبكة الأمناء العامين للمنتدى والذي يندرج ضمن جهود المجلس الرامية إلى بناء رأسمال بشري إداري متخصص ومؤهل، قادر على رفع تحديات المستقبل، والانخراط بفعالية في دينامية التحول المؤسساتي الذي تعرفه البرلمانات الحديثة.
وفي سياق ترسيخ الموقع الريادي للمملكة المغربية، كحلقة وصل بين الشمال والجنوب، وتعزيز أدوار البرلمانات في مواكبة التحولات الاقتصادية الكبرى، نظم مجلس المستشارين، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وبشراكة مع برلمان البحر الأبيض المتوسط، الدورة الثالثة من المنتدى الاقتصادي البرلماني للمنطقة الأورومتوسطية والخليج، تحت شعار: “تحديات اقتصادية وتجارية وطاقية غير مسبوقة – استجابة البرلمانات الإقليمية والقطاع الخاص”.
وهو المنتدى الذي شكل موعدا هاما لتعميق الحوار بشأن القضايا التنموية وتشجيع التعاون والعمل المشترك داخل منطقتين تتمتعان بثقل استراتيجي وازن بحكم موقعهما الجغرافي المتميز ومؤهلاتهما المادية والبشرية التي تجعلهما في صلب روابط التعاون الدولي، وذلك من خلال إشراك البرلمانيين والفاعلين الاقتصاديين.
واستكمالا لهذا المسار الدينامي المتنامي، تم تنظيم الدورة الثالثة والثمانين للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي من قبل مجلس المستشارين ومجلس النواب، والتي تم التأكيد خلالها على أن المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، جعلت من التعاون الإفريقي إحدى أولوياتها الاستراتيجية، إيمانا منها بوحدة المصير، وانطلاقا من رغبة صادقة في المساهمة في بروز إفريقيا قوية ومتضامنة.
وفي إطار الدينامية الثنائية التي يقودها مجلس المستشارين بتنسيق مباشر واتصال منتظم مع عدد من المجالس الشقيقة والصديقة ، وحرصا منه على توسيع فضاءات التعاون البرلماني الدولي لا سيما على المستويين الأسيوي والإفريقي ، فقد تميزت هذه الدورة باستقبال وفدين برلمانيين رفيعي المستوى، استجابة لدعوة رسمية من مجلس المستشارين.
ويتعلق الأمر، باستقبال رئيس مجلس الشيوخ بجمهورية باكستان الإسلامية، والذي أجرى سلسلة من اللقاءات الثنائية مع وزراء ومسؤولين برلمانيين، همت سبل تطوير التعاون الثنائي بين البلدين.
وقد شكلت المباحثات التي أجريناها معا، مناسبة للتأكيد المتبادل على أهمية هذه الزيارة في تعزيز العلاقات الأخوية التي تجمع بين البلدين الشقيقين، والمبنية على القيم المشتركة، والتعاون المثمر، والاحترام والدعم المتبادل، والإرادة المشتركة لتعزيز هذه العلاقات في عدة مجالات.
كما تم التأكيد أيضا على رغبة المملكة في تعزيز التعاون مع باكستان في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، داعين إلى تنشيط التعاون الاقتصادي والتجاري، وتشجيع رجال الأعمال الباكستانيين على الاستثمار في المغرب، لاسيما في الأقاليم الجنوبية للمملكة، التي تزخر بإمكانيات استثمارية مهمة وبنية تحتية تجعل منها منصة واعدة للتنمية الجهوية.
كما تأتي في هذا السياق، زيارة العمل التي قام بها رئيس مجلس الشيوخ بجمهورية نيجيريا الاتحادية والتي تخللتها لقاءات مع مسؤولين حكوميين وبرلمانيين، وتوجت بالتوقيع على مذكرة تفاهم تشكل إطارا مؤسساتيا هاما للعمل المشترك، والتواصل، والتشاور، والتنسيق بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وهي الزيارة التي جاءت انسجاما مع متانة ودينامية علاقات الصداقة والتعاون التي تجمع بين المملكة المغربية وجمهورية نيجيريا الاتحادية، المبنية على التقدير والاحترام المتبادل والطموح المشترك لتنويع التعاون على مختلف الواجهات التنموية والإنسانية، وهي العلاقات ما فتئت تتعزز أكثر فأكثر، بفضل الزيارة التاريخية التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، لنيجيريا في دجنبر 2016، والتي دشنت عهدا جديدا في العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين البلدين.
كما كانت الزيارة مناسبة لتثمين جهود جلالته حفظه الله، للنهوض بالسلم والأمن والتنمية والاستقرار بالقارة الإفريقية وتحقيق الوحدة وتضامن بين الدول الإفريقية، لاسيما من خلال المبادرات الاستراتيجية لجلالته نصره الله، كإفريقيا الاطلسية ومشروع أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب.
وفي سياق تعزيز الانفتاح الدبلوماسي على أمريكا الوسطى، قام رئيس برلمان أمريكا الوسطى بزيارة عمل لبلادنا شملت أيضا مدينة العيون، حيث أعلن، في اعلان متقدم، من قلب الصحراء المغربية على أن المملكة تعد شريكا استراتيجيا لبلدان منطقته، مجددا التأكيد، على موقف البارلاسين الداعم للوحدة الترابية للمغرب ولسيادته على كامل أراضيه، مشددا على أن هذا الموقف ينسجم والقيم التي تؤطر عمل هذه المنظمة البرلمانية الجهوية، وفي مقدمتها احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وقد شكلت هذه الزيارة فرصة للتنسيق بشأن استصدار قرار داعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية من قبل البارلاسين خلال جمعيته العامة بالسالفادور بمناسبة انعقاد “المنتدى الاقتصادي للاستثمار والتنمية” المنظم بشراكة بين مجلس المستشارين وبرلمان أمريكا الوسطى.
وهكذا، وبحكم التراكم الإيجابي في العلاقات الثنائية، والتنسيق الدائم، شاركنا في هذا المنتدى المنعقد بجمهورية السالفادور، على رأس وفد عن مجلس المستشارين، ضم السادة ممثلي المجلس لدى المنظمات البرلمانية بأمريكا اللاتينية والكراييب، حيث عقد خلالها البارلاسين دورته، صادق خلالها بأغلبية أعضاءه، على قرار مهم أشاد بالدور الريادي الذي تضطلع به المملكة المغربية تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، في الدفع بالحوار والتشاور الدولي وفي تعزيز السلم والتفاهم بين الشعوب، وأكد بما لا يدع مجلا للشك على دعم الوحدة الترابية للمملكة المغربية، من خلال دعم مخطط الحكم الذاتي باعتباره الحل الجدي والواقعي وذي المصداقية للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، مع التأكيد على دعم البرلاسين لوحدة أراضي المملكة.
وقد شكلت مشاركة المجلس في هذا المنتدى مناسبة لإجراء مباحثات رفيعة المستوى مع نائب رئيس جمهورية السلفادور، تم التأكيد خلالها على متانة علاقات الصداقة والتقدير المتبادل بين البلدين، وعلى الدينامية المتنامية التي تميز التعاون الثنائي، منذ قرار السلفادور سنة 2019 قطع علاقاتها مع الكيان الوهمي، وافتتاحها سفارة رسمية بالرباط سنة 2021.
كما تم اغتنام هذه المناسبة لتثمين المواقف النبيلة والثابتة لجمهورية السلفادور الصديقة بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية، ودعمها اللامشروط لمبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة الوطنية والترابية للمملكة، باعتبارها الحل الوحيد الجدي والواقعي والمصداقي للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية.
ومن جهته، أعرب نائب رئيس جمهورية السلفادور عن اعتزازه العميق بمستوى العلاقات بين البلدين، وعن تقديره الكبير لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، مجددا دعم بلاده الثابت والراسخ للموقف المغربي، ومشيدا بالجهود الاستراتيجية التي تبذلها المملكة لتعزيز الاستقرار والتنمية والتضامن جنوب–جنوب.
وفي ختام أشغال هذا المنتدى، حظي مجلس المستشارين بتكريم رسمي من طرف برلمان أمريكا الوسطى، حيث تسلمنا شهادة تقدير وإقرار بدور مجلس المستشارين في تعزيز التعاون مع برلمانات أمريكا اللاتينية، تماشيا مع التوجيهات السامية لجلالته حفظه الله، بدعم التعاون جنوب-جنوب، كما تضمنت نفس الشهادة إقرارا بأن المبادرة المغربية للحكم الذاتي هي الحل الوحيد لإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية.
وفي امتداد هذا الحضور المتقدم للدبلوماسية البرلمانية المغربية في أمريكا اللاتينية، وفي المنظمات البرلمانية الجهوية والقارية والدولية بالمنطقة، شاركنا على رأس وفد عن مجلس المستشارين، في أشغال الدورة السادسة عشرة للجمعية البرلمانية الأورو-لاتينية بالعاصمة ليما، حيث عكس حضورنا في لقاء مخصص لبرلمانيي أوروبا وأمريكا اللاتينية الدور الدينامي المتنامي للدبلوماسية البرلمانية المغربية في مسارات الحوار والتقارب بين مختلف المؤسسات التشريعية والمنظمات البرلمانية الجهوية، وهو ما عبر عنه رؤساء البرلمانات الإقليمية لأمريكا اللاتينية والكراييب، من خلال التأكيد على أن المملكة المغربية باتت “عاصمة عالمية للدبلوماسية البرلمانية”.
وقد شكلت هذه المشاركة أيضا فرصة لإجراء محادثات مع رئيس الكونغرس البيروفي، أكدنا فيها على الدينامية المتجددة التي تميز العلاقات السياسية بين المملكة المغربية وجمهورية البيرو، منذ الزيارة التاريخية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، إلى هذا البلد سنة 2004، والتي شكلت، منعطفا محوريا في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ورسم آفاق جديدة للتعاون جنوب-جنوب، كما يرعاه جلالته حفظه الله.
كما جددنا خلال هذا اللقاء الإشادة بالدعم الثابت الذي يقدمه الكونغرس البيروفي للوحدة الترابية للمملكة المغربية، وكذلك لجهود المملكة الرامية إلى التوصل إلى حل نهائي لهذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، مشيدين بتقديم الكونغرس البيروفي، في سياق مشاركتنا في مؤتمر الأورولات، لملتمس يدعو من خلاله السلطة التنفيذية إلى دعم سيادة المغرب على صحرائه.
وإلى جانب هذه الدينامية النشيطة على مستوى الزيارات والمنتديات الثنائية ومتعددة الأطراف، حرص مجلس المستشارين، من خلال شعبه الوطنية الدائمة ووفوده البرلمانية، على تأكيد حضوره الفاعل والانخراط الجاد في مختلف الفعاليات الإقليمية والدولية، التي شكلت فضاءات أساسية لتقاسم التجارب وتبادل الرؤى بشأن القضايا ذات الأولوية المشتركة.
فقد شاركت الشعب الوطنية الدائمة ووفود مجلس المستشارين خلال هذه الدورة في أشغال كل من المنتدى الدولي حول مستقبل البحر الأبيض المتوسط، المنظم من قبل الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط بمدينة غرناطة، واجتماع اللجنة السياسية التابعة للجمعية البرلمانية للفرنكوفونية الذي استضافته الجمعية الوطنية بجمهورية السنغال، وفعاليات المنتدى الجهوي حول الهجرة، المنظم من قبل برلمان أمريكا الوسطى بالعاصمة سانتو دومنغو، تحت عنوان “تحديات نظام الاندماج وتفاقم أزمات الهجرة: نموذج السياسة المغربية في تدبير القضايا المرتبطة بالهجرة”.
علاوة على ذلك، تميزت هذه الدورة بالمشاركة أيضا في الدورة التاسعة عشرة لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي المنعقد بجمهورية إندونيسيا، وجمعية مجالس الشيوخ بإفريقيا المنظم بجمهورية الكنغو، ومنتدى التغيرات المناخية والانتقال العادل الذي نظمه برلمان أمريكا اللاتينية والكراييب بجمهورية بنما، والاجتماع العالمي الأول للشبكة الدولية للتشريعات المتعلقة بالمخدرات، الذي نظمه مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بالعاصمة فيينا، والاجتماع الخامس من دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الرابع للبرلمان العربي المنعقد بالقاهرة، والمرحلة الثالثة من دورة 2025 للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا المنعقدة بستراسبورغ، والدورة السنوية ال32 للجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ببورتو، البرتغال، والقمة التاسعة والجمعية العامة ال18 للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط بملقا، والدورة ال50 للجمعية البرلمانية للفرونكوفونية بباريس.
وعلى المستوى الثنائي أجرينا خلال هذه الدورة لقاءات ومباحثات مع رؤساء برلمانات وطنية وجمعيات برلمانية، وعلى رأسها رئيسا مجلس الشورى لكل من مملكة البحرين،والمملكة العربية السعودية، ورؤساء مجالس الشيوخ بكل من جمهورية كوت ديفوار، وجمهورية مصر العربية، وجمهورية غينيا الإستوائية، ورئيسة رابطة مجالس شيوخ بإفريقيا، ورئيس مجلس الأعيان بالمملكة الأردنية الهاشمية، ورئيس البرلمان الإفريقي، ورئيس برلمان المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا (سيماك)، ورئيس برلمان أمريكا اللاتينية الكراييب، ورئيس البرلمان الأنديني، ورئيس الجمعية الوطنية بجمهورية تشاد، رئيس الاتحاد البرلماني الإفريقي، ورئيس برلمان جمهورية مقدونيا الشمالية، ورئيس مجلس النواب بجمهورية الدومينيكان، ورئيس مجلس النواب بمملكة البحرين، ووزير العلاقات الخارجية بجمهورية بنما، ونائب الوزير الأول وزير الطاقة بجمهورية تنزانيا الاتحادية، ونائبة رئيس مجلس الشورى بدولة قطر، ووفد مجلس الدولة بسلطنة عمان، ووفد برلماني عن لجنة الحسابات العامة بالجمعية الوطنية بجمهورية زامبيا، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والاندماج الإقليمي ببرلمان جمهورية غانا، ووفد عن مجموعة الصداقة البرلمانية الرأس الأخضر – المغرب، ووفد برلماني عن المجموعة البريطانية لدى الاتحاد البرلماني الدولي، ورئيس لجنة المالية بمجلس النواب بالمملكة الأردنية الهاشمية، ورئيس مجموعة الصداقة الفرنسية المغربية بمجلس الشيوخ الفرنسي، ووفد عن منظمة التحرير الفلسطينية، والرئيس السابق لجمهورية جنوب إفريقيا، رئيس حزب رمح الأمة.
وسيواصل مجلس المستشارين خلال الفترة القادمة مبادراته البرلمانية الدبلوماسية من خلال محطات ثنائية ومتعددة الأطراف، تندرج في إطار تنزيل المخطط الاستراتيجي لنصف الولاية 2024-2027، الذي تمت بلورته بشكل تشاركي من طرف كافة مكونات مجلس المستشارين، وفق الآليات والمبادرات الجديدة المقترحة في مجال الدبلوماسية البرلمانية، تماشيا مع التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
حضرات السيدات والسادة
وفي امتداد لوظيفته التمثيلية، وانسجاما مع المقاربة الجديدة التي كرّسها المخطط الاستراتيجي، حرص مجلس المستشارين على تعزيز أدواره كفضاء مؤسساتي حاضن للنقاش العمومي والحوار المجتمعي التعددي، حيث واصل المجلس ديناميته الانفتاحية على القضايا المجتمعية الراهنة والمستقبلية، انخراطا منه في مواكبة الأوراش الإصلاحية الكبرى التي تشهدها المملكة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة نصره الله وأيده، وسعيا منه إلى أن يكون دائما رَجْعُ صَدَى لتطلعات وانتظارات المواطنات والمواطنين.
وبالإضافة إلى الندوات وجلسات الاستماع واللقاءات الحوارية والفكرية التي عقدتها مجموعات العمل الموضوعاتية المؤقتة المحدثة من قبل المجلس، خلال هذه الدورة، واصل المجلس مواكبته للجهود التي تبدلها بلادنا لتسريع تنزيل الجهوية المتقدمة، إعمالا لروح وفلسفة الفصل 137 من الدستور الذي ينص على أن “تساهم الجهات والجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة، وفي إعداد السياسات الترابية من خلال ممثليها في مجلس المستشارين”، فقد عقد المجلس يوم الثامن(8) من شهر ماي ندوة موضوعاتية جهوية بشراكة مع جهة مراكش-آسفي خصصت للتداول في موضوع “تعزيز جاذبية الجهة بين تحديات تفعيل الاختصاصات ورهانات الالتقائية بين اللامركزية واللاتمركز”. وهي ندوة تحضيرية لأشغال الملتقى البرلماني السادس للجهات، المزمع تنظيمه في الفصل الأخير من السنة الجارية.
وقد شكلت الندوة مناسبة لتعميق النقاش حول المداخل الممكنة لتطوير نُظم اقتصادية محلية مندمجة ولإعداد التراب وفق مقاربة شمولية تمكن من تحسين ظروف عيش المواطنات والمواطنين وتسهم في تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، ولاستشراف مداخل التغيير الأساسية على مستوى المنظومة القانونية ذات الصلة، في ضوء ما أفرزته الممارسة من إكراهات وتحديات حالت دون بلوغ الفعالية اللازمة في ممارسة الجهة وباقي الجماعات الترابية لاختصاصاتها الذاتية والمشتركة بما يعزز جاذبيتها الترابية، ودون تحقق الانسجام بين اللامركزية واللاتمركز والالتقائية بين الاستراتيجيات القطاعية والسياسات العمومية الترابية.
على صعيد آخر، شارك المجلس إلى جانب مجلس النواب في فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، الذي نظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بمدينة الرباط خلال الفترة الممتدة من يوم 18 إلى غاية يوم 27 من شهر أبريل. وقد شكلت هذه المشاركة مناسبة سانحة للتواصل مع المواطنين، وللتعريف بتاريخ المؤسسة التشريعية واختصاصاتها وأدوارها ضمن البناء المؤسسي الوطني.
وفي نفس الاتجاه الرامي إلى تكريس مكانة مجلس المستشارين كمؤسسة منفتحة على محيطها الأكاديمي والإعلامي، أشرفنا، إلى جانب السيد رئيس مجلس النواب، على فعاليات تسليم جائزة الأبحاث والدراسات في المجال البرلماني، وجائزة الصحافة البرلمانية برسم سنة 2025، وهي الفعاليات التي تم تنظيمها لأول مرة تحت إشراف مشترك لمجلسي البرلمان، في خطوة ترمي إلى تعزيز روح التكامل المؤسسي، وتثمين إسهامات البحث العلمي الجاد، والصحافة الوطنية المسؤولة، في إغناء النقاش البرلماني وترسيخ ثقافة الرقابة والتقييم.
حضرات السيدات والسادة
إن مجلس المستشارين، وهو يختتم دورة تشريعية اتسمت بالزخم المؤسساتي، والدينامية المتواصلة، ليعبّر عن اعتزازه بما تحقق من منجزات ومن تراكمات إيجابية، ويؤكد في الآن ذاته وعيه التام بجسامة التحديات المطروحة، وبأهمية التراكم الإيجابي في مسار تعزيز البناء الديمقراطي والمؤسساتي وترسيخ مقومات المشروع التنموي لبلادنا.
وإذ نجدد تنويهنا، في هذا السياق، بمستوى الالتزام والانخراط الذي طبع أداء كافة مكونات المجلس، أغلبية ومعارضة، فإننا نغتنم هذه المناسبة لنعبر عن خالص التقدير لكل من ساهم في إنجاح أعمال هذه الدورة، كل بصفته وموقعه، خدمة للصالح العام، وتكريسا لرسالة المجلس كفضاء للحوار والنقاش المسؤول وملتقى لتقاطع الرؤى الاستراتيجية والهواجس المجتمعية.
ولا يفوتني، في هذا الصدد، أن أخص بالشكر والتقدير السيد رئيس الحكومة، على تفاعله الإيجابي في إطار التعاون المؤسسي البناء بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، والشكر موصول أيضا للسادة أعضاء الحكومة، ولا سيما السيد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، ورؤساء المؤسسات الدستورية على ما أبدوه من تعاون بناء مع مجلس المستشارين طيلة فترة سريان هذه الدورة.
كما أتوجه بعبارات التقدير والثناء إلى السادة أعضاء مكتب المجلس الموقر، ورؤساء الفرق والمجموعات البرلمانية، ورؤساء اللجان الدائمة والمؤقتة، على ما أبدوه جميعا من تعاون منتج وتنسيق مثمر، مما كان له الوقع الكبير في تعزيز أداء مؤسستنا الدستورية وخدمة المصلحة العليا لوطننا العزيز.
كما أعرب، بهذه المناسبة، عن جزيل الشكر وعظيم الامتنان لإدارة المجلس أمانة عامة وكافة موظفات وموظفي المجلس، على ما يبذلونه من جهد دؤوب وعملهم الجاد والنوعي لمواكبة مختلف محطات العمل البرلماني، وكذا، جميع المصالح الساهرة على أمن وسلامة المؤسسة التشريعية.
ولا يفوتني أيضا أن أجدد التقدير الخالص لجميع المصالح الأمنية بالمجلس والتي تسهم، من موقعها، في توفير الظروف الملائمة لانعقاد أشغال المجلس وانتظامها، بروح عالية من المهنية والانضباط.
والشكر موصول، إلى شركاء المجلس المؤسساتيين وإلى جمعيات المجتمع المدني على مساهمتهم ومتابعتهم وتفاعلهم مع أنشطة المجلس، وكذا مختلف وسائل الإعلام الوطنية على مواكبتها لأنشطة المجلس.
شكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.