ثقافة

صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 96

إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي

يبدو أن حلم مولاي أحمد السرغيني قد بدأ يتحقق، حيث أصبح واحدا من أفراد العائلة الممارسة لصناعة الخزف . وحسب بعض الدراسات المتخصصة في الفن الخزفي المغربي، أن هذه الحرفة من الحرف اليدوية التقليدية الشاقة، لا يقبل عليها إلا من يحبها ويقتنع بها، فينعكس ذلك في أعماله .. ومولاي أحمد السرغيني، كان فعلا مغرما بحرفته الجميلة منذ أن كان في الثامنة من عمره، فهو ينتمي إلى الجيل السابع في الأسرة باقتدار وجدارة، إذ ما يزال يبدع في مجال الخزف والفخار. ولعل سر توارث هذه الصناعة الخزفية بين الأسر والعائلات المغربية، يعود بالأساس إلى حبها وعشقها واحتضانها لصناعة الخزف وتشبثها بها. ومن فرط هذا التعلق، يورثوها لأبنائهم وأحفادهم. فلا غرابة أن يكون مولاي أحمد واحدا ممن سكنتهم هذه الحرفة إلى حد الهوس، متشبثا بما وجد عليه والده وعمه، فدفعه ذلك إلى هذا الاختيار الصعب، غير مبال بالتحديات التي يمكن أن تعترض رغبته وطموحه واجتهاده للوصول إلى مستوى إنتاج خزف رفيع يؤكد أصالته وإبداعه، لدرجة أن العديد من المهتمين والولوعين بالخزف، يؤكدون على أن تجديداته تبرز خيالا خصبا، وموهبة حية وإبداعا أصيلا.. فقد اكتسب الرجل مهارة عالية في الإتقان وفي التشكيل والزخرفة وصياغة الألوان. فمعه ندرك تقنيات الزخارف غاية في الإتقان، متنوعة الألوان.. وبالتالي فهو رائد صناع الخزف بلا منازع.
لقد أكسبته مدرسة الحياة تجربة ومعرفة عميقة وواسعة، إلى جانب اطلاعه على تقنيات الأوروبيين في صناعة الفخار وتدربه عليها وإتقانه لها، واختياره المناسب منها دون التخلي عن إرث الأجداد الأصيل والغني والمتنوع .. كل ذلك ساعده على أن يتبوأ مكانة مرموقة في مجال صناعة الخزف في بلادنا. فقد نالت أعماله الفنية الانبهار والإعجاب
في كل مكان يتم فيه عرض منتوجاته الخزفية ويحصل على جوائز قيمة وشهادات تقدير كثيرة .. تشهد على ذلك معروضاته الجميلة والمدهشة في الآن نفسه التي يزخر بها متحفه الخاص ومعارضه التجارية.. فهو حاضر بقوة ومشارك فاعل في غير قليل من الأنشطة والتظاهرات الثقافية والفنية سواء في المغرب أو في الخارج حيث يمثل الوطن في العديد من المعارض الدولية، مما يسمح لنا بأن نطلق عليه السفير الحضاري لوطنه المغربذلك أن عرف بالخزف الآسفي في العديد من مناطق العالم، نذكر من ذلك: الصين واليابان وأوروبا وأمريكا اللاتينية والولايات المتحدة وكندا وغيرها
لقد أهلته كفاءته وإبداعه ليحظى بشرف التعرف إليه وإلى منتوجاته الخزفية من طرف المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني الذي كان يعشق عمل مولاي أحمد ويؤكد عليه ألا يبيع منتوجاته لأحد مخاطبا إياه: “فخارك يبقى لي ..” وهي التفاتة جميلة من ملك فنان عاشق لكل ما هو جميل رحمه الله، حيث استمر التواصل بينهما من سنة 1981 إلى سنة 1991 .. فاستحق مولاي أحمد من جلالة الملك الحسن الثاني وسام الاستحقاق، وهو الوسام نفسه الذي حصل عليه من جلالة الملك سيدي محمد السادس حفظه الله، اعتبارا للعمل الجاد الذي يقوم به مولاي أحمد في مجال صناعة الخزف.
لا ننسى كذلك المكانة المرموقة التي حظي بها مولاي أحمد من طرف العديد من الشخصيات كالملك فهد عاهل المملكة السعودية الشقيقة والشيخ زايد أمير دولة الإمارات الشقيقة، وبين كلينتون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وغير قليل من رؤساء قصر الإليزي بفرنسا.
وأسفي التي أنجبت هذا الفنان المبدع المجدد، قادرة على أن تنجب أجيالا أخرى، لها من الرغبة والطموح ما يمكن هذه المدينة من أن تكون رائدة في مجال صناعة الفخار وفي مجالات أخرى نظرا لما تزخر به من مقومات كافية لتجعل منها مشعلا ومنهلا ثقافيا وفكريا وفنيا واقتصاديا، يساهم في تنويع عطائها ويسمو بمراقيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض