سلايدرما وراء الخبر

هل تدخل الحرب على كرونا شوطها الإضافي؟

محمد التويجر

باقتراب 20 أبريل المحدد مبدئيا لانتهاء فترة الحجر الصحي الرامي إلى الحد من تفشي فيروس كورونا الخطير ببلادنا، يستفسر المواطن في السر كما العلن هذه الأيام : هل بإمكان الحياة اليومية أن تعود قريبا إلى وثيرتها الطبيعية ، خصوصا وأن شهر رمضان الأبرك على الأبواب.؟
من خلال القراءة المتأنية والمنطقية لمؤشر انتشار الفيروس عبر العالم، الظاهر أن البشرية توجد حاليا في صلب المعركة ضد عدو غير مرئي يطور استراتيجيته بالتدرج، سعيا إلى تكبيدها أكبر الأضرار.
انطلاقا من هذين المعطيين المؤثرين، وبحكم أن المغرب جزء من الكل، وبالنظر إلى استنطاق الأرقام المعلن عنها يوميا من طرف وزارة الصحة، تحذير منظمة الصحة العالمية الصريح من أن التعجيل برفع القيود الاحترازية المفروضة عبر العالم قد يؤدي إلى عودة “فتاكة” للفيروس، وكذا تفاوت تفاعل المغاربة مع الإجراءات، كل ذلك يقودنا رأسا نحو تمديد شبه أكيد. خصوصا وأن الوزارة الوصية ما فتئت تنبه إلى ضرورة التزام حيطة أكبر في الأيام القادمة، في ظل أن الفيروس انسل أخيرا إلى التجمعات العائلية، بعدما كان في البداية محصورا في الوافدين على المملكة، منتقلا إثرها إلى الحالات المحلية الفردية.
التذرع بحلول رمضان وأجوائه الروحانية ليس دافعا منطقيا لرفع الحجر الصحي، ولنا في إغلاق الحرمين الشريفين في وجه المعتمرين خير شاهد على خطورة الوضع وحساسية المرحلة. كما أن مسارعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية منذ قرابة شهر إلى إغلاق مساجد المملكة، هيأت المواطن ليكون مستأنسا بالمستجد، موقنا أن التقرب إلى الله متاح في كل مكان وأي زمان، ما دام أن الإجراء الاحترازي ينشد سلامة البلاد وكذا العباد، تأسيا بإجراءات اتخذها الحبيب المصطفى صلى الله عليه سلم ، والخلفاء بعده وكل من قلده الله أمر ومسؤولية الدول والأمم ، كلما دعت الضرورة إلى ذلك .
يجب ألا يتذرع المرء بتبريرات ومصوغات دينية، واللعب على وتر المشاعر الحساسة لفرض قرارات يتضح مع توالي الأيام أنها كانت خطأ جسيما، يهدد الأمة في حاضرها ومستقبلها، خصوصا وأن الأسابيع الفارطة كشفت وجود تباين جلي من حيث الالتزام والتجاوب بالإجراءات الاحترازية. ولا أجد حرجا هنا في توجيه أصابع الاتهام لقاطني بعض الأحياء الشعبية ذات الكثافة السكانية، بالجهات الأربعة التي تتمركز فيها أكبر نسبة من الإصابة. فالفيديوهات المصورة تعطي الانطباع أن هذه الأحياء مستعصية عن أي ضبط، رغم التضحيات الجسام التي يقدمها ممثلو السلطة المحلية ليل نهار، وتفضيلهم إسداء النصح لكل من صادفوه في طريقهم بشكل متحضر على تفعيل القوانين المؤطرة .
لما تصبح سلامة الوطن في شموليته مرهونة بتهور أناس يعتبرون أنفسهم خارج السيطرة – عن جهل أو تنطع – فالأمر يستدعي الرفع من وتيرة التعاطي الزجري لإعادة الخارجين عن الصف إلى رشدهم. وإلا كيف لشاب أن يستغل الرخصة الاستثنائية ليتسكع طيلة اليوم بين الأزقة والدروب، منخرطا – حين يرخي الليل سدوله – في لعبة كر وفر مع السلطات الأمنية. وأي تفسير لحال تناوب عدد كبير من أفراد الأسرة الواحدة على ذات الكمامة ، خوفا فقط من رجال السلطة، في سلوك يؤكد أنهم لم يلتقطوا إشارة خطورة الوضع وقيمة تضحية مؤسسات بلدهم بملايير الدراهم حفاظا على سلامة المملكة وأبنائها.
بقدر ما ننوه بحس المواطنة الذي أبانت عنه الغالبية، بتفاعلها الإيجابي مع التعليمات، بقدر ما نجد أنفسنا منشغلين قلقين من تهور فئة أخرى تختزل الوضع في كونه مجرد لعبة، دافعة بأن فرضية الإصابة بالفيروس قدر مقدر، وأن ملايين الخطوات الاحترازية لن تجنب الشخص “مكتوبه”، ناسين أن الدين الذي يتذرعون به هو نفسه الذي أوصى عبر قرآنه وسنن خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى عليه وسلم صراحة بألا نلقي بأنفسنا إلى التهلكة.
عودا على بدء…رفع الضرر على المجتمع ومحاصرة عدو البشرية المشترك لن يتحقق إلا بانخراط الجميع في التقيد الحرفي بتعليمات الجهات المختصة التي تراقب عن كثب تحرك الفيروس الفتاك محصية عدد مصابيه وموتاه….أما التذرع برمضان وأجوائه الروحانية، فأعتقد أنه مجرد مداراة ومراوغة لإخفاء أن الدافع به في وضع تسلل ونشاز واضحين، مفتقد روح المسؤولية .
مصيرنا بأيدينا، ونحن من يقرر إن كنا نريد أن تكون الحرب ضد كورونا محدودة من حيث المدة، أو دخولها شوطا إضافيا وحده الله من يعلم متى سينتهي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرة + ثلاثة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض