
نفحات رمضانية في رحاب الشعر الملحون – الحلقة 19
يكتبها ل،MCG24 الدكتور منير البصكري الفيلالي/ أسفي
وهذه صورة أخرى للتفكر في خلق الله ، يقارن فيها الشاعر ابن علي بين الصبح والليل. يقول :
الصبح كشريف ارخى ذيل ايزارو ولبس امن الديباج اغفارا
والليل كغراب اسود شاب اعذارو واشعل امن اضياه امنارا
الصبـــح كالـنســــــــــر يتعلـــــى والليل سال دمع اغرابــو
والضـو فـي السمـــا اتجلــــــــــى رسل علــى الظـلام اعقابو
انظـــــر اتـــرى حمــام القبــــــــلا مثل ليمــام فــي محرابـــو
الفلـــك كيـــف دار ابصنعت دوارو واخفـى اكواكبــــــو سيارا
هب النسيم بين الدواح وانهارو شوشن ادواحنا المسرارا
والحق أن مثل هذه المشاهدات ، تدعو الصائم في شهر رمضان بالخصوص للتفكر والاعتبار ، وربما بأسلوب قد يفوق ذلك التفكر الذي يأتي عن طريق التذوق الهادئ لجمال الصنع ودقته . ولم يفت الشاعر أن يتحدث عن طلوع الشمس بعد أن أدرك جمالية شروقها يقول الشاعر الكحيلي في قصيدته “الذهبية ” :
راحت في قبة بنورها بعد أن كان شعيل
مهمـا صبح الصبـح في حســن جميل
كـــل انهار تشرف الزمزم كهف التنباه
يلقاها عقب النهار لبست ثوب التفضيل
عكــري والأبريز تاجــــها لمكلل تكليل
اغنم زمانك عن طلوعها حين يشرق اضياه
وجملة ” اغنم زمانك ” لها دلالتها في هذا السياق ، إذ المؤمن المتفكر ، يجد في تأمله صحة عقيدته وبساطتها ونفاذ بصيرته ، ووضوح رؤيته الدينية ، وتدريبه المستمر على التأمل والتفكر فيما خلق الحق سبحانه .
ولا ينسى الكحيلي وهو يتأمل هذا المظهر الطبيعي ، أن يلفت نظر الصائم إلى أصوات الطيور مهللة ومسبحة ومكبرة :
صيغ اصوات على الاطيار يا من شوقه هناه
يتعاطاوا حديث كل طير يهلل تهليل
وبتتبع كبير ، ودقة متناهية في الوصف ، يتحدث شاعر الملحون عن النهار وكيف اختطف الشمس وحملها على أكتافه وغاص بها في الغروب :
حولها جيش النهار عن كهلو فالتشهار
واغطس بها في اغروبها محزوم افتشمير
خلى غير الرك والضباب الجيش الديجور
وابقات الغصة أفخاطر الديجور الغوار
حين اخطف لو شارق النهار نجمة التنوير
وابقى جيش الليل فالنهار ايعوم ابكدار
يخطف شمس اعشيتو ايفادي تارو بهدير ..