
أثر الثقافة الإسلامية في الشعر الملحون المغربي – الحلقة الثالثة
إعداد : د. منير البصكري
أسفي
أدرك شعراء الملحون أنه إذا أريد للأمة ام تنهض من كبوتها، و تتجاوز ظروف تخلفها ، لابد لها أن تعود إلى أصالتها ، وعهود نقائها وفطرتها .. وكان أن انطلق هؤلاء من القرآن عملا بقوله تعالى ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) و إذا كان هؤلاء الشعراء قد التفتوا إلى الثقافة الإسلامية ، فهو توحد طبيعي نابع من إيمانهم الصادق بعقيدتهم السليمة
و هذا الاتجاه الأدبي الشعبي الذي يعتمد الثقافة الإسلامية أسماء له تثوي خلفه مؤسسات معروفة ، تمثلها المساجد و الزوايا المنتشرة طول البلاد و عرضها فإلى هذه المؤسسات يعود الفضل الكبير في المحافظة على الروح الديني ، و تثبيت دعائم الثقافة الإسلامية .
و لعل التعرف إلى مكونات الثقافة لهؤلاء الشعراء، يفسر لهم التوجهات الفكرية و الأدبية التي ستنتظر على نتاجاتهم وهي مكونات الثقافة الإسلامية رصيدا مهما لها فنحن نعتبر أن المساجد و الزوايا كانت دائما تشكل حلقات متميزة للتعليم ،إذ كانت حافلة بتدريس كتاب الله و تفسيره و التعلق بالعلوم التي تدور حوله . كل هذا خلق جوا مشبعا بروح الأدب و العلم الديني. فلا يمكن أن ننسى دور منابر الدرس التي كان يلقي عليها الخطباء و العلماء
و الوعاظ أحاديثهم عن الإسلام مع ما يتخلل ذلك من معلومات دينية و تاريخية مفيدة.
لقد شكلت هذه المنابر مدارس سيارة ساعدت على تعميق الوعي الإسلامي و نشر الثقافة الإسلامية. فلقد أثر عن شعراء الملحون أنهم كانوا على اتصال دائم مع العلماء من خلال حلقات الدرس و التعبد في المساجد..و لا شك أن الاتصالات تعد من الأمور الطبيعية في حياة الناس.. و هكذا، كثيرا ما كان يقع الاتصال بين هؤلاء العلماء و غيرهم ، يجالسونهم ، يأخذون عنهم من فيض ما عندهم من علوم و عبر هذه القناة الثقافية المتاحة، تتنفس الروابط الثقافية و تنموا في طيرورتها المتصلة، و تتلاحق الأفكار بعقد المحاورات و المناظرات و المناقشات التي تعطي ثمراتها المرجوة في ترسيخ لحمة الروح العلمي بين هؤلاء العلماء شعراء الملحون .