
الموعد مع الموجة الثالثة يلوح في الأفق.. ماذا يقول الناس؟!
عبد اللطيف أفلا
ما أنذرته جل القطاعات الحكومية، وعلى رأسها وزارة الصحة، وما حذر منهم الفاعلون في كل ما يصب في مصلحة صحة المواطن، من جمعيات ومراكز التحسيس والتوعية، والصحافة الإعلام، وعلى مدار الدقائق، حصل..
تدهور الحالة الوبائية لبلادنا، وارتفاع حالات الإصابة بالآلاف، والموت بالعشرات، وغزو ديلتا يتسع وينتشر. ثم بدأ تطبيق مجموعة من إجراءات الإغلاق، وتضييق حركة التنقل، والمزيد من التشديد متوقع لا محال.
ما حصل وما قد يدخلنا في موجة ثالثة لتفشي الوباء لا قدر الله، كان أكيدا سيحصل، ولا مجال لتفاديه خاصة خلال هذا الشهر الجاري، لأن المشاهد في الشارع وفي كل الفضاءات المفتوحة والمغلقة، وعلى متن وسائل النقل العمومي، كانت كالعصيان الجماعي للإجراءات الوقائية، أو التمرد على تهديدات كوفيد19، لذلك لا عجب في حدوث انتكاسة جديدة، قد تكون أشد أثرا من سابقاتها بسبب التحور المتوالي لفيروس كورونا.
نحن في خطر، منوقفوش الحماية! فماذا يقول المواطن؟
في إحدى مقاهي مدينة الدار البيضاء، قعدنا نتبادل أطراف الحديث مع مجموعة من أساتذة التعليم، قراءة للوضع وما ترتب عنه من الإجراء التي ستطبق مساء هذا اليوم الجمعة 23 يوليوز 2021.
وإن كثُر المعلقون، فلقراءة الوضع وجهان.
قال أحدهم:
“أنا أحمّل المواطن المسؤولية الكاملة لما حدث وما سيحدث، ودون نفاق، ليس هناك وعي إلا لدى قلة قليلة من المواطنين، والشارع يؤكد قولي دون بحث أو تدقيق.
تلك الفئة القليلة من المواطنين، لا يمكنها أن تؤثر أو تغير من الوضعية الوبائية لبلادنا، والتي أصبحت كارثية، قلة ما عليها إلا التأسف والحسرة، بينما الأغلب الأعم، ليس فقط في الشارع، أو على متن الحافلات والترامواي، بل حتى في الإدارات والأبناك والمساجد، والذي يندى له الجبين هو أن من يتجاهل التباعد، والكمامة له يقين بثقته بالنفس، ويجادل ويؤثر ولا يتأثر، وأولئك هم الذين أتعبوا السلطات الصحية والأمنية، أتعبوا البلد منذ بداية الجائحة، أكثرهم كان ينكر وجود الوباء، وحين عاش تجربة الإصابة شخصيا أو في أحد المعارف والأقارب، أعرض عن نكرانه وجود الفيروس التاجي، وبعد ذلك جاء يشكك في سلامة اللقاح، بل كثير منهم تأخر في التلقيح، ومنهم من لم يلقح إلى يومنا هذا، لذلك المصابون منهم في مراكز العناية المركزة،.. أنا أقول وأؤكد أننا لو اتبعنا نصائح وزارة الصحة، وتوجيهات وتحذيرات السلطات، لأصبحت أيامنا طبيعية دون خطر، حتى دون تحقيق المناعة الجماعية”
وقال آخر:
“طبعا المواطن مسؤول، ولكن أمام ضعف الوعي، وقلة المسؤولية، أنا أحمل السلطات الأمنية مسؤولية تردي الحالة الوبائية للمملكة المغربية.. فعلا هناك تراخي من المواطن، ولكن ((ماخاصناش ندركو الشمس بالغربال، كُلشي باين، غي اللي بغا يتعاما)). هناك تراخي وتساهل كبير من طرف السلطات الأمنية.
في بداية الجائحة وخلال الحجر الصحي وحتى بعد التخفيف، كانت الأمور تعالج بالحزم، وكانت دوريات الأمن والسلطة المحلية تجوب الأزقة والدروب والشوارع، والكورنيش والقيساريات، وتجبر المواطن على ارتداء الكمامة، وكان حتى أصحاب الصيدليات يفرضون على الزبون مسافة الأمان وارتداء الكمامة، ونفس الشيء بالأبناك والبريد والمحلات التجارية.
كان الكل متحد لمواجهة الوباء تنفيذا لحزم السلطة، فلو كانت دوريات السلطة تراقب كل وسائل النقل العمومي، الترامواي، الحافلات، وتفرض ارتداء الكمامة، واحترام النسبة المسموح بها لنقل الركاب، ولو أن السلطة تتحرك داخل المراكز التجارية الكبرى، – les malls- أو تشدد على احترام التدابير في المساجد والحمامات والمسابح، والأسواق كما كان في السابق، لما أصبحنا مهددين بموجة ثالثة، ومهددين بالعودة للحجر الجزئي أو أوسع..
طبعا أنا لا أنكر المجهودات الجبارة التي قامت وتقوم بها السلطات الأمنية، لكن مؤخرا هنا تراخي واضح من جانبها، لأنه في الوقت الذي لا يأبه فيه المواطن للتحذيرات، ولارتفاع حالات الإصابة والموت، لا بديل ولا حل إلى بالصرامة والشدة وتطبيق القوانين الجزرية دون تساهل”
قولان فصل في المسألة، المواطن استهتاره بيِّنٌ، وتساهل السلطة، كان بنية ترك مجال حرية للمواطن في اتخاذ القرار، وتجاوبه طوعا لا كرها مع النداءات والوصايا، واتعاظه بما سلف من مصائب وتداعيات الجائحة، لكن الأكيد، إذا استفحل التهاون والتراخي فإن السلطات الأمنية حتما ستحزم من جديد لفرض احترام التدابير الوقائية.