
أهون من بيت العنكبوت
دون غيرها من المؤسسات المغربية التي اعتمدت التخطيط الاستباقي لما يعتمل مع الظروف التي فرضها فيروس كورونا فرضا، اختار فوزي لقجع ربان طائرة جامعة كرة القدم المغربية وطاقمه المساعد التزام مسافة الأمان قولا وفعلا، تاركين جمل الرياضة الأكثر شعبية بما حمل، منذ بلاغهم المختصر الصادر قبل شهر ونصف بالموقع الإلكتروني الرسمي للجامعة، القاضي بتوقيف جميع الأنشطة، تنفيذا للإجراءات الاحترازية التي اعتمدتها السلطات للحد من تفشي فيروس كورونا.
صمت مطبق وبلاغات يتيمة معزولة لا تجيب عن جبل الاستفسارات التي تطرحها مكونات اللعبة بشقيها الاحترافي والهاوي بخصوص هشاشة وضعيتها المادية، وافتقاد رؤسائها للبعد الاجتماعي الإنساني، قصد التخفيف من وطأة الجائحة لدى آلاف المنتسبين الذين وجدوا أنفسهم في المنزلة بين منزلتين، يندبون حظهم لكونهم لم يستفيدوا من الدعم الحكومي الذي ناله حاملو بطاقة “راميد” والمصنفين ضمن القطاع غير المهيكل، ولا هم معترف بهم مستخدمين، حتى ينالوا حظهم من تعويضات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التي توصل بها المنقطعون عن العمل بسبب الجائحة.
للأسف…المفارقة كبيرة بين واقع قهري، البون فيه شاسع بين أحلام وردية تبشر بملامسة الأندية لعوامل الشركات الرياضية (في العالم الافتراضي طبعا)، وبين حقيقة أن المجال الرياضي غير معترف به مهنة أو حرفة….أو سموه كما شئتم.
حالة التيه هذه، تحيل على أن أعضاء المكتب المديري لجامعة كرة القدم ابتلعوا ألسنتهم، متكلين كالعادة على التحركات الفردية للرئيس فوزي لقجع، الذي شغلت الجائحة غالبية وقته، بحكم منصبه الحساس مديرا للميزانية بوزارة المالية. لكن حبذا لو تذكر المعنيون بالأمر بأن الوقت لا يرحم، فالاتحاد الإفريقي للعبة حدد الثلاثاء القادم موعدا لتلقي ردود الاتحادات الوطنية بخصوص القرارات التي اعتمدوها في اتجاه استكمال المسابقة أو تجميدها ، كما فعل جيراننا بأوروبا ، وما سيترتب عن ذلك من تبعات ، خصوصا وأن هناك تمثيلية خارج الحدود تتطلب تحديد من سيشغل مقاعدها ، وعلى أي أساس. ومن ثمة وجب التحرك بسرعة لتحديد خارطة طريق لما تبقى من عمر مختلف البطولات.
عادتنا أن نقلد فرنسا في كل شيء، وكل المؤشرات تسير في اتجاه إيقاف الموسم الكروي بالمغرب، واعتماد الترتيب الذي بلغته مختلف المنافسات قبل التوقف القسري مرتكزا لتمكين الفرق المتصدرة من الصعود إلى القسم الأعلى. لكن الغموض يكتنف المقاربة التي ستعتمدها الجامعة في شأن الفرق مختتمة الترتيب. وهنا يجب أن يتسم تعاطي المقررين بالذكاء اللازم، مستفيدين من أخطاء الاتحاد الفرنسي الذي سقط في فخ حسم نزول أصحاب المراتب الأخيرة، رغم عدم اكتمال المنافسة، مما فجر في وجهه احتجاجات قوية من لدن الفرق المتضررة، التي قررت اللجوء إلى الجهات الإدارية المختصة لرفع الضرر.
حبذا لو تفادت الجامعة أسلوب التقليد الأعمى، في هذه النازلة بالذات، عبر الإبقاء على مكونات المجموعات بلا تغيير، والتحاق الصاعدين، على أن يكون الموسم القادم استثنائيا، من حيث عدد الفرق المتبارية، ليتم قبل انطلاق الموسم القادم اعتماد آلية صعود ونزول مغايرة تقود إلى العودة إلى النظام السابق.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، تستحق أندية الهواة كل التنويه لأنها اتفقت على كلمة سواء رغم أن عددها يتجاوز المائة، عبر مراسلة الجامعة تلتمس فيها إيقاف المنافسة عند آخر دورة، رأفة بجيوبها المثقوبة، ولكون الموسم سيمتد حتى الصيف الموسوم بحرارته والتزام اللاعبين بالامتحانات الإشهادية، وما يترتب عن ذلك من مصاريف إضافية لا قدرة لها على الوفاء به. بالمقابل، عكس الموقف الشجاع للفئة المستضعفة، التي يحلو للبعض تسميتها بقسم المظالم، تكتفي غالبية أندية النخبة برصد الوضع من خلف ستار، تزامنا وانطلاقة شرارة التنابز بين قطبي كرة القدم البيضاوية الوداد والرجاء، بسبب التضارب الأزلى لمصالحهما، وخوف الخضر من استفادة الغريم من أن تخدم أجواء كورونا مصالحه، معبدة أمامه طريق إحراز ثاني لقب متوالي بحكم أنه يقود قافلة بطولة النخبة الأولى. ويبدو أن الأمر لن ينحصر بين خضر البيضاء وحمرها، فهناك فرق أخرى معنية بتمثيلية خارج الحدود بنكهة إفريقية أو عربية، ولن تقبل بحسم أمر البطولة داخل مكاتب البناية الفاخرة التي كلفت لقجع ومجموعته الملايير، بدل حسمها على أرضية التباري، خصوصا في ظل كثرة المؤجلات التي حولت الترتيب إلى خرقة بالية مرقعة .
وما قيل عن القسم الأول ينطبق على الثاني بحكم اشتداد المنافسة بين مجموعة من الفرق من أجل انتزاع بطاقتي العودة إلى قسم سبق لها أن كانوا جزء منه ‘ المغرب الفاسي – شباب المحمدية – الرسينغ الرياضي ).
بكل تأكيد ، لقجع في وضع لا يحسد عليه، مجابه المجهول، لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يعول كثيرا على متدخلين تفتقد غالبيتهم لحس المبادرة ومقارعة الحجة بمثلها، وتقديم المقترحات التي تيسر على المكتب المديري اختيار التوجه الأقرب إلى الصواب.
كورونا عرت اختلالات مختلف مناحي الحياة، ومشهدنا الكروي واحد من تجليات هذا القصور. لذا، أهمس في أذن من سيخلف لقجع، بعد انتهاء ولايته الثانية ( إذا لم يتم التمديد له، استنادا إلى شغله أيضا منصب نائب رئيس الكاف)…الحرص كل الحرص على أن تشكل لائحة ترشيحك من كفاءات عارفة بالمجال، لا تخاف في الجهر بالحق لومة لائم، وحبذا لو تعددت اللوائح المرشحة، إعمالا للمفهوم الحقيقي للممارسة الديمقراطية، بدل تكريس المرشح الوحيد الذي يخال له – في ظل فراغ الساحة – أنه مالك الحقيقة الوحيد .
لقجع ومن معه بين سندان كورونا ومطرقة بيت داخلي متهالك، أهون من بيت العنكبوت، والأيام القادمة كفيلة بالإجابة على الكثير من الأسئلة المعلقة….( الله يكون في عونك يا مسكين) .