
موݣادور.. 150 ألف سنة من السلوك الرمزي
سارة امغار
تعيش الصويرة أكثر اللحظات إثارة وتأثيرا في تاريخها الطويل، حسب وصف مستشار صاحب الجلالة الملك محمد السادس والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة -موكادور أندري أزولاي. وذلك بفضل اكتشاف طاقم من الحلي مكون من 32 صدفة بحرية في مستوى أركيولوجي مؤرخ ما بين 000. 142 إلى 000. 150.
وأفاد أندري أزولاي، في كلمة خلال يوم إخباري نظم الثلاثاء 26 أكتوبر بالصويرة، بأن “الأمر يتعلق هنا بالقرائن الأولى للبشرية، والتي تظهر وجود علاقات مهيكلة بين أعضاء نفس المجموعة، أو بين مجموعات مختلفة، حيث يبين هذا الطاقم وبطريقته وجود شكل من أشكال اللغة، أو اللسان، في حقبة الانسان العاقل”.
من جهته صرح الأستاذ بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط عبد الجليل بوزوكار، أحد المشرفين على الأبحاث بمغارة بيزمون أن الإنسان العاقل دون لأول مرة قبل 150.000 سنة من خلال استعماله لقطع طاقم حلي ونشرها، جزءا كبيرا من تاريخ السلوك الرمزي للبشرية برمتها.
وأضاف أن هذه الدراسة أبانت أن الجهة تتوفر على غطاء نباتي متنوع يعود إلى 150.000 سنة، وحفريات حيوانية غنية جدا. حيث أن الصويرة تشكل مجالا جغرافيا شهد كثافة سكانية منذ آلاف السنين، مما جعلها تزخر بمخزون مهم في ما يتصل بالتراث والمعلومات الحاسمة حول أصل السلوك الرمزي البشري.
من جانبه، أبرز مدير التراث الثقافي بوزارة الثقافة، يوسف خيارة، أهمية هذا الاكتشاف الاستثنائي. وأكد على عزم القطاع الوصي على إعداد ملف لترشيح موقع بيزمون إلى جانب مواقع أخرى تنتشر بالمملكة، لإدراجها ضمن قائمة مواقع ما قبل التاريخ لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو).
من جهته، سجل الأستاذ بجامعة أريزونا، ستيف كون، أن الصويرة، المدينة المعروفة كمكان عاشت فيه شعوب مختلفة في سلام، على ما يبدو، وحسب دلائل بيزمون فإن السلام ممتد لما قبل 150.000 سنة. وأوضح أن هذه الاكتشافات تظهر أن الكلمات ذات الطابع الاجتماعي لهؤلاء البشر كانت قيد التطور. “كانوا يتعلمون، بالتأكيد، التفاعل وحتى التعاون مع شعوب مختلفة”.
بدوره أشار الباحث بالمركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا لفيليب فيرنانديز، ، إلى الدور الهام للغاية الذي يلعبه السياق الإيكولوجي القديم للمستويات الأركيولويجة بيزمون في التطور الحيواني، وفي احتلال المغارة .
يذكر أن هذه القطع مصنوعة من نوع من الأصداف البحرية التي تسمى “gibbosula Tritia”، و(المعروفة سابقا بـ gibbosulus Nassarius) تعد من أقدم قطع الحلي التي تم اكتشافها في العالم حتى الآن. فرغم أنه تم اكتشاف نفس النوع من الحلي أيضا بمواقع أثرية أخرى بشمال إفريقيا، في طبقات أركيولوجية يتراوح تاريخها ما بين 000. 116 و000. 35 سنة. إلا أن أهمية هذا الاكتشاف، الذي تم القيام به بمغارة بيزمون، تكمن في نتائج التأريخ الذي تم خلاله استعمال تقنية التأريخ العالي الدقة، والذي يرتكز على اختلال التوازن الإشعاعي بين اليورانيوم والثوريوم. حيث أظهرت هذه النتائج قدم هذا السلوك الرمزي بمغارة بيزمون بآلاف السنين مقارنة بالاكتشافات السابقة، ليعتبر أول سلوك من نوعه عرفه الإنسان خلال الفترة الجيولوجية القديمة.