
أثر الثقافة الإسلامية في الشعر الملحون المغربي – الحلقة العشرون
إعداد : د. منير البصكري – أسفي
كذلك ، هناك موضوعات أخرى تتمثل في فلسفة الحياة والموت ، إضافة إلى ما تضمنته غير قليل من القصائد من ألفاظ القرآن والحديث ، بل هناك مفردات متجاورة وردت في بعض النصوص ، على حد ما رأينا سابقا ونحن نمثل ببعض الأبيات الشعرية .
فإلى أي مدى وفق شعراء الملحون في الإفادة من الثقافة الإسلامية ؟
الحقيقة أن شعراء الملحون ـ كما مر معنا ـ يتفاوتون وهم يستوحون الأثر القرآني والحديثي ، ولعلهم قد وفقوا في هذا المجال ، وأفادوا في كثير من المواقف .. وبذلك استطاعوا أن يستثيروا خلجات ومشاعر متلقيهم .. كما استطاعوا خلق الإيحاء المناسب حين جعلوا صورته قريبة من صور قرآنية أو حديثية ، وهذا يوضح أن أثر الثقافة الإسلامية تركت بصماتها قوية جلية على مخيلة شعراء الملحون .. ويمكن أن نمثل لذلك بغرق فرعون في اليم ، فهي قد تكررت في عدة آيات ومشاهد قرآنية . يقول هاشم السعداني :
اطغ فرعون غرق ربي في اليـــــــم ما فك من عراز رد وحســــــــام
وهذا قريب من قوله تعالى : ” فأغرقناه ومن معه جميعا، ” وقوله عز وجل : ” فانتقمنا منهم وأغرقناهم في اليم ” .
وهذا يظهر لنا بلا شك صلة شعراء الملحون بالثقافة الإسلامية .. فقد أخذوا من القرآن والحدبث أشياء كثيرة صاغوها بطربقتهم الفنية في قصائدهم . والشيء نفسه حدث مع الآثار الدينية والفكرية الأخرى ، حين اقتبسوا منها أو تمثلوها في شعرهم . وبهذا يكون شعراء الملحون قد عمقوا صلتهم بجمهورهم ومخاطبيهم ، إذ كانوا مجندين للتعبير عن هموم هؤلاء وقضاياهم ..
لقد منح شعراء الملحون قصائدهم بعدا تصويريا وهم يستوحون من القرآن والحديث صورا حقيقية ومعبرة ومتعددة الدلالات ، اختاروا منها ما يمكن أن يفيد قارئهم ، فأصبحت بذلك قريبة منهم ، كحديثهم عن صفات الله وذكرهم للصلاة والزكاة وما شابه ذلك …
ففي تعاملهم مع الصور القرآنية مثلا ، نراهم قد وفقوا في أن يكيفوها لأغراضهم ، ويتخذوا منها معراجا لمعاني حياتية كثيرة ، ويضفوا عليها من ذواتهم وعواطفهم