
صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 71
إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
الأستاذ عبد الله فرحات
ليس سهلا أن نعثر على نموذج للعصامية والمبادرة الشخصية والاجتهاد والبناء ، بعيدا عن الأضواء والرغبة في الشهرة والزعامة . رجل أفنى زهرة عمره في خدمة منظومة التربية والتعليم .. فعرف الجميع حيويته واجتهاده ، واشتهر بين خلانه بذكائه ونبوغه ، فكان موفقا في كل المهمات التي اضطلع بها ، وفي طليعتها مجال التربية والتعليم ، لأن ذلك ميدانه ومهمته التي عاش فيها ومن أجلها ، وواصل أعماله القيمة مع غير قليل من الجهات من أجل أن ينهض ويرقى بالتعليم في أسفي ، فكانت له في ذلك الأيادي الحميدة في قضايا متعددة تهم مجال التربية والتعليم ، ذلكم المجال الذي يحتاج إلى نفس طويل . ومع ذلك ، وفق الأستاذ الجليل ، مربي الأجيال السيد عبد الله فرحات أطال الله في حياته في أن يكون عمله في هذا الاتجاه ناجحا . فتاريخه التربوي والإداري ، حافل بالإنجازات .. فهو واحد ممن ساهموا بجهد وافر في رسم خريطة التربية والتعليم في أسفي ، وقدم لهذه المدينة الكثير من الخدمات الجليلة ، وله بصمات واضحة وضوح التاريخ لخدمة القضايا الوطنية على وجه العموم . كيف لا وهو المربي الفاضل والأديب الأريب ، إذ ليس بين جيلنا أو ممن سبقه ، من لم يعرف شخصية الأستاذ عبد الله فرحات ، إذ يعود له الفضل في وضع اللبنات الأولى للعديد من المؤسسات التربوية والاجتماعية ، وتمتين انطلاقتها .. فهو من قدماء الإدارة التربوية بحاضرة المحيط ، أسفي .
ولد السي عبد الله فرحات يوم 15 يونيو 1932 بمدينة الصويرة ، ثم سرعان ما انتقل إلى أسفي رفقة عائلته ، وهو ما يزال طفلا لم يتجاوز سن الخامسة من عمره . فقد كان والده موظفا بمصلحة البريد ، وبحاضرة أسفي تم الاستقرار إلى يومنا هذا .
تابع السي عبد الله فرحات دراسته الابتدائية بأسفي بالمدرسة الإسلامية للبنين ( مولاي يوسف حاليا ) حيث حصل بها على شهادة الدروس الثانوية الإسلامية ، ثم بثانوية سيدي محمد بمراكش .. ليتوج مساره التعليمي بالحصول على عدة الشهادات التالية :
certificat d’ arabe classiqueـ شهادة العربية الفصحى
Brevet d’arabe classique ـ بروفي العربية الفصحى
certificat de Berbère ـ شهادة اللغة الأمازيغية
وهو دبلوم يخول لحامله آنـــذاك Diplôme d’arabe classique ـ دبلوم اللغة العربية الحصول مباشرة على وظيفة في الإدارة المغربية تحت الإشراف الفرنسي .. لذلك تم تعيينه بناء على طلبه معلما للغة الفرنسية عام 1950 بمدرسة مولاي يوسف ولم يتجاوز حينها الثامنة عشر من عمره . شاب استقام على عوده ، رفيقه العمل الجاد والجهد والاجتهاد ، رائده التوفيق ، إذ انطلق مساره المهني الذي استمر اثنتين وأربعين سنة بالتمام
والكمال . وهي سنوات تشهد للرجل بالكفاءة العالية والأخلاق الطيبة ونكران الذات وتقديم العون والمساعدة لمن هو في حاجة إلى ذلك ، متواضع لدرجة كبيرة ، متزن ومتمكن من ثقافة عالية المستوى ، صادق مع الجميع في أقواله وأفعاله ، يحترم المواعيد وهو حازم في ذلك ، وطني في وطنيته وإخلاصه ، عزيز النفس ، لين الجانب ، يتسم بروح التفاهم والإنصاف ..
قضى السي عبد الله فرحات ست سنوات كمعلم بمدرسة مولاي يوسف ، أبان خلالها عن مؤهلات مهنية عالية نالت إعجاب مديره السيد ” لوسطو ” ، فتم إلحاقه بالكتابة العامة للنيابة الإقليمية للتعليم وهي في بداية تكوين لبناتها الأولى ، بغية الإسهام في تدبير شؤونها الإدارية . فساهم وخطط لولادة مجموعة من المؤسسات التعليمية وتجهيزها ، موظفا علاقاته الشخصية مع غير قليل من المسؤولين سواء في المصالح البلدية أو الأشغال العمومية ، وذلك للحصول على مساعدات لوجيستيكية وتوثيقية . وهكذا كانت ولادة مدرسة عزيب الدرعي ومجموعة أخرى من المدارس بالعالم القروي لمدينة أسفي ، كمدرسة خط أزكان ومدرسة رباط الشيخ بجرف اليهودي ، إضافة إلى بناء أقسام بمدارس اليوسفية ، امزيندة ، سيدي احمد .. وهي مؤسسات ما تزال تؤدي دورها التريوي والتعليمي ..
يتبع …