ثقافة

صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 93

إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي

إلى جانب ما سبق، كانت للسي عبد الرحمان الوزاني اليد الطولى في الفن الموسيقي، حيث أبان عن موهبته الموسيقية منذ فترة مبكرة من حياته، فتعلم العزف على الكمان كما تعرف على باقي الآلات الموسيقية، إلى جانب ما كان يحفظ من أنغام وميازين أندلسية حتى أصبح من كبار الموسيقيين بمدينة أسفي .. ومن ثمة، عهد إليه برئاسة فرع جمعية هواة الموسيقى الأندلسية بأسفي، وهي الجمعية التي كان يترأسها الحاج ادريس بن جلون التويمي بالدار البيضاء. وقد استمر السي عبد الرحمان كرئيس لفرع الجمعية المذكورة منذ بداية الستينيات إلى حدود سنة 1998، وخلال هذه الفترة، عرفت أسفي إحياء العديد من الأنشطة الموسيقية نظمتها الأجواق الموجودة بالمدينة، وضمنها جوق لطرب الآلة وآخر للطرب العصري برئاسة المرحوم عبد القادر الحكيم.. وكلها وجدت صدى قويا بين أهل أسفي، الأمر الذي ساعد على أن تصبح المدينة مركزا مرموقا أفرز المناخ المناسب لظهور فنانين أبدعوا في الفنون الموسيقية التراثية والعصرية. أسسوا نوادي لذلك. نذكر هنا بعض المجالس الفنية، كمجلس الحاج عبد الله الكراوي ، وكان يتألف من مجموعة من أمهر العازفين والمنشدين، كمولاي محمد البوعناني ومولاي محمد الوازاني وأخوه الحاج أحمد والتهامي الحرار ومحمد فداوش.
بعد ذلك ، نجد مجلس الحاج عبد الرحمن بلهواري بحي تراب الصيني، وكان ظهوره بعد وفاة الحاج عبد الله الكراوي. وقد استقطب هذا المجلس مجموعة من العازفين والمنشدين والولوعين، نذكر منهم الفنان عبد القادر بلحسن الذي كان يعزف بمهارة كبيرة على آلتي البيانو والكورديون، ثم الفان أحمد الركيك وعبد السلام الركيك، وأحمد العوني ومولاي أحمد الوازاني وعبد الواحد الحكيم المتوفى سنة 1949 وهو الأخ الشقيق للفنان الحاج عبد القادر الحكيم، كما نذكر الفنان التهامي الحمار والفنان القليعي إلى جانب الفنانين، عبد الله السلاوي وعبد الرحمن الوازاني والطاهر لعلج بنهيمة وعبد الوهاب السعيد والحاج محمد الفيلالي البصكري وغيرهم ممن أثروا الساحة الفنية بمدينة أسفي.
يبدو مما سبق، أن مدينة أسفي تعد من قبيل باقي المدن المغربية التي ازدهر فيها الإبداع الفني بكل صوره. ولعل ذلك يعود ـ لا محالة ـ إلى الطابع البيئي المميز للمدينة، وما عرفته من وفادات بعض المبدعين من مدن أخرى، أمدوها بما كان متاحا لهم من إبداع فني رصين.
لهذا، نجد في أسفي تنوعا كبيرا للفنون الموسيقية والغنائية .. فهي مجال تراثي حي وخصب، ومعين زاخر بعديد من القيم الصالحة للاستثمار، والمؤهلة لأن تلعب دورها في حياتنا الراهنة وفكرها المتجدد.
إن وجود طرب الآلة وطرب الملحون وغيرهما من الفنون في مدينة أسفي، يكشف عن عناصر الأصالة في ثقافة المجتمع الأسفي، وإبراز قيمه الخلقية والسلوكية.
ونحن نتناول الحديث عن السي عبد الرحمان الوزاني، وكذا عن الموسيقى الأندلسية في أسفي، إنما نسعى إلى دراسة جانب ثقافي فني وحضاري، يعد من أهم الجوانب التي أبدع فيها الإنسان الأسفي، وساهم فيها بحظ وافر وذلك في حدود ما أتيح له.
ومن هنا، لا يبعد أن يكون أهل أسفي قد تذوقوا هذه الموسيقى بما خصصوه لها من عناية واهتمام، مما يدل على رهافة حسهم، وشبوب عاطفتهم، ومـدى هيـامهم بها فـي جـميــع صنائعها وطبوعها .. غايتهم أن يستلهموها ويستوحوها أجمل وأروع ما فيها من نغمات موسيقية تنسجم مع ذوقهم الحضاري المتطلع دوما إلى الجمال والكمال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين − خمسة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض