ثقافة

دور المرأة في صناعة الفخار بأسفي

    د. منير البصكري الفيلالي / أسفي
بمناسبة تخليد اليوم العالمي للمرأة، تجدر الإشارة إلى الدورالكبير الذي تقوم به المرأة في الحياة عموما وفي بعض المجالات على وجه الخصوص. وفي أسفي، كما هو الشأن في باقي الربوع ، تتعدد مساهمة المرأة القيمة والجديرة بالاعتبار . ومعلوم أن صناعة الفخار في أسفي تعد من الحرف التقليدية التي اهتم بها أهل هذه المدينة منذ القدم لارتباطها بحياتهم اليومية وبالتقاليد المتوارثة. ذلك أن غير قليل من بيوتات أسفي، تحتفي بالإبداعات الخزفية من أباريق وكؤوس وصحون وطاسات ومزهريات، وغير ذلك من الأنواع الخزفية المختلفة الأنماط والأشكال .. مما يكشف عن التشبث بهوية أهلها وجذورهم وانتمائهم الأصيل .
والملاحظ أن للمرأة في أسفي مكانة خاصة وهي تقتحم مجال صناعة الفخار جنبا إلى جنب مع الرجل ، تجد الاحترام والتقدير من الناس لما تقدم من خدمة جيدة في توفير أجمل ما في الفخار من تحف تسر الناظرين. ولعل الزائر لمدينة أسفي ، سيقف مشدوها أمام روعة وجمال تحف الفخار الفنية التي أكسبت المدينة شهرة عالمية، لكن ما لا يعرفه الزائر، هو أن وراء هذه التحف الفنية نساء مبدعات عاملات مجدات، يضعن لمساتهن الناعمة على كل قطعة فخار، بعد أن تلقين تكوينا لمدة سنتين بمركز الخزف بأسفي ..
وهؤلاء النسوة وهن يقتحمن هذا المجال، لا يخفين حبهن وعشقهن لصناعة الخزف على الرغم من المعاناة اليومية التي يتكبدنها في هذه الحرفة التي لا توفر لهن ظروف عمل مريحة. ومن ثمة، يجب الاعتراف لهؤلاء النسوة بمهارتهن الحرفية وتجربتهن في توظيف هذه المهارات عن طريق الإبداع والخلق لأشكال جديدة تبرز الخصائص الفنية للخزف الأسفي .وهو اعتراف أيضا بالطاقات والقدرات التي تختزنها النساء المبدعات بهذا القطاع الحيوي .
ومن اللواتي سجلن حضورهن المتميز في صناعة الخزف ، وكان لها القدح المعلى في هذا المجال، الفنانة المبدعة والمثقفة الرصينة لطيفة الزيواني كصانعة وباحثة متميزة في هذا الميدان .. فقد أنجزت بحثا بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، في مجال اللسانيات بعنوان : “معجم الصناعة الخزفية بأسفي ” وهو بحث يتناول الحديث عن الرسوم والأشكال، يوثق لها ويحدد خصائصها ويدقق في تفاصيلها ويضبط تاريخها وأصولها .. إلى جانب حصولها على ديبلومات دولية في صناعة الخزف. وليس هذا بغريب على الأستاذة المبدعة لطيفة ، فقد نشأت وترعرعت في كنف أسرة عريقة توارثت الاشتغال بصناعة الخزف على مدى سنين طويلة . فهي امرأة تتقن كل مراحل إنتاج الخزف ، كما تدير مقاولة ناجحة على مستوى التسيير وتحديث طرق الإنتاج والتسويق. وهي بذلك تحمل هم هذا القطاع الحيوي بغية تطويره وتأهيله والنهوض به في نطاق المحافظة على طابعه الأصيل. ولعلها بذلك، تساهم بجدية في تحفيز المرأة على اقتحام عالم فن الخزف حتى لا يبقى حكرا على عالم الرجال . فللمرأة دور مهم وأساسي في العملية الإبداعية، من خلال ما تبدع أناملها من رسوم وعلامات تضفي جمالية ورونقا على أعمالها الخزفية لجودتها ودقة صنعها.
فتحية خالصة للمرأة في تخليد يوم عالمها، وتحية لكل العاملات المبدعات في عالم الخزف والفخار، ومزيدا من التألق والعطاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض