سلايدرما وراء الخبر

تفاديا لتمديد بلا نهاية

محمد التويجر

باقتراب تمديد فترة الحجر الصحي من نهايته، يحق للملتزمين بالإجراءات الاحترازية ضد فيروس كورونا أن يطرحوا أكثر من سؤال، بخصوص مآل هذا المشهد الهيتشكوكي المفزع، الملتبس، المخيم على العالم أجمع، وعما إذا كنا مقبلين على تمديد اضطراري ثالث، ما دام أن مؤشر الإصابات بالمغرب يتأرجح بين الصعود والنزول، في جهات البيضاء، طنجة وفاس بالأساس، بسبب استمرار البؤر المهنية والعائلية.
للاستفسار مشروعيته، لأن غالبية الملتزمين بدأت شعر بالملل وعمق تأثير الأزمة الاجتماعية والمالية التي تحكم قبضتها عليها، بخاصة أولئك الذين ينشطون في قطاعات لم يرفع عنها الحظر بعد…
من حقهم أن يضعوا أياديهم على قلوبهم توجسا من مستقبل غامض، وهم يتابعون مئات اللقطات الموثقة لفئة أخرى متهورة، تعيش خارج الزمن ، غير آبهة بما يعتمل حولها عبر العالم، ضاربة عرض الحائط بكل التنبيهات والحملات التحسيسية والإجراءات الزجرية، مصرة على العودة المتسرعة لنظم العيش الطبيعي، ناسية بأنها تسهم عبر سلوكها ، النزق الأرعن هذا، في تمكين الفيروس من سبل مزيد انتشار، مدخلا اقتصادنا الذي يحاول جاهدا فرض ذاته في حالة غيبوبة يجهل متى سيستفيق منها ( خسائر المغرب تقدر بمليار درهم يوميا ).
رغم مختلف التحذيرات، استغل الكثيرون إجراءات التخفيف المتزامنة مع عيد الفطر لعيادة الأهل والأحباب، وتنظيم حفلات سرية جماعية (نموذج مراكش)، واستراق سويعات بالشواطئ اتقاء للطقس الحار الذي خيم على البلاد في الفترة ذاتها (الصويرة ومارتيل مثلا)، مؤججين من حيث لا يدرون لهيب الخسائر من جديد ، بعدما اعتقدنا أن الوضع صار متحكما فيه.
وما زاد الطين بلة، عدم تقيد بعض أرباب المقاولات بالإجراءات الاحترازية التي اشترطتها الجهات المختصة مقابلا لاستئناف النشاط….
من حقهم – بكل تأكيد – تحريك عجلة الإنتاجية من جديد، تفاديا للأسوإ….لكنهم ملزمون أيضا بحماية العنصر البشري، وتحصينه ضد مختلف أشكال الإضرار بسلامته الصحية…. وإلا تعمقت الأزمة.
لقد جاء البلاغ المشترك الأخير الصادر عن وزارة الصحة والاتحاد العام للمقاولات، والكاشف عن فحوى التعليمات السامية لجلالة الملك الرامية إلى تقويم هذا الاختلال، ليؤكد ضمنيا أن خطوة استئناف العمل داخل المقاولات المغربية كانت متسرعة نوعا ما. حيث كان من الأجدى – قبل العودة إلى العمل – اتخاذ الخطوات الاستباقية اللازمة داخل المقاولات والمؤسسات الإنتاجية، يتقدمها إخضاع جميع المستخدمين المنتسبين لاختبارات وفحوصات مخبرية مكثفة للاطمئنان على حالتهم قبل إعطاء إشارة استئناف العمل، على غرار ما تم القيام به داخل المؤسسات البنكية، بشراكة بين وزارة الصحة والمجموعة المهنية لبنوك المغرب، وما أفضت إليه من نتائج ممتازة ( اكتشاف حالتي إصابة فقط من بين أكثر من 8000 اختبار).
نأمل أن تسهم التعليمات الملكية في تقويم أخطاء استئناف النشاط، عبر مباشرة أرباب المقاولات المغربية لعملية تشخيص مماثلة، وبوثيرة مكثفة، في إطار تشاركي مع الوزارة الوصية، قصد حماية المأجورين، والحد من خطر انتشار الفيروس. ومن ثمة استئناف أنشطتهم بشكل آمن، وفي ظروف أفضل.
لا بأس إن ذكرنا من جديد بأن الأرقام اليومية الراصدة لحالة الوباء خادعة ماكرة، وأي تراخ في التعامل معها، يعيدنا إلى نقطة الصفر، ويزيد من تعميق أزمة يصعب تدارك أوجه نكوصها في القريب المنظور. لذا، وجب على الجميع التحلي بالمسؤولية والمواطنة الحق، والالتزام الكامل والشامل بالبروتوكولات الاحترازية المهيأة من طرف الجهات المختصة، حتى نجتاز الاختبار بسلام، ونعود بالتدريج إلى حياتنا الطبيعية.
ليس لنا من بد في الوقت الحالي سوى الالتزام بكل ما ذكر أعلاه، في ظل أن البشرية لم تتجاوز لحد الآن مرحلة اكتشاف الفيروس ومحاولة الاستئناس به أملا في بلوغ محاصرته….ودون ذلك يحيل على تمديد بلا نهاية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 + ثمانية عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض