سلايدرمجتمع

في شأن وفاة الأستاذ محمد الراوندي رحمه الله

الدكتور محمد الراوندي ، العلامة الأصيل
علمنا ببالغ الحزن والأسى وفاة أستاذنا الجليل الدكتور محمد الراوندي الذي وافاه الأجل المحتوم ليلة الأحد الإثنين من الأسبوع الجاري بعد مرض لازمه منذ أكثر من سنتين .
 
وإذ أنسى ، لا أنسى أستاذيته بدار الحديث الحسنية ، حيث كنا نتلقى عنه مادتين أساسيتين هما : علوم المكتبة وعلوم الحديث .. وكان فيهما أستاذا مبرزا وبوابة علمية واسعة ، يصول ويجول فيهما ، مما يكشف بوضوح عن عمقه العلمي والمعرفي .
 
نال بيننا ـ نحن طلبة دار الحديث الحسنية ـ في بداية ثمانينيات القرن الماضي ، شهرة بما كان يتميز به عن باقي أساتذتنا المبجلين ، من ظرف ولطف وحسن معاملة . فقد كان يتمتع بأخلاق عالية ورفيعة المستوى . وبذلك ، استحوذ ـ رحمه الله ـ على مزايا كثيرة زادت من شهرته ومكانته الإنسانية .
 
إنه رجل من رجال المغرب الأبرار الذين شرفوا سمعته ، خاصة في مجال العلوم الإسلامية .. فكان ممن وضعوا اللبنات الأساسية في بناء وإعداد علماء المستقبل بدار الحديث الحسنية .
 
رجل اجتماعي وشخصية محبوبة ، كرس حياته وطاقات نشاطه العقلي لخدمة طلبته ..
فجعلنا نعشق قراءة الكتب والاطلاع على ما تختزنه المكتبة المغربية من كنوز وذخائر معرفية ، إذ الكتاب بالنسبة له مثل حاجة السمكة إلى الماء .
كان رحمه الله يميل إلى المرح في حدود معينة ، كما كان يميل إلى الفكاهة المؤدبة ، ولم يكن ذلك غريبا ، فهو المراكشي حتى النخاع ، فيها ولد ونشأ وتربى وتلقى العلم عن والده  كما تتلمذ على يد كبار علماء مدينة مراكش قبل أن يلتحق بدار الحديث الحسنية لمتابعة دراسته العليا على يد كبار شيوخها وعلمائها من أمثال العلامة علال الفاسي والرحالي الفاروقي والمكي الناصري وعائشة بنت الشاطئ وغيرهم ممن تركوا بصماتهم قوية في مجال الدراسات الإسلامية .
  
وبعد أن أنهى دراسته بهذه المؤسسة ، عين بها كأستاذ يليق بحجم وقيمة ومكانة هذه المنارة العلمية العتيدة التي أسسها المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني عام 1964 معلنا ـ طيب الله ثراه ـ في خطاب تأسيسها عن إحداثمجالس الدروس الحسنيةمبرزا الأهداف والمرامي الداعية إلى إنشائها لتكون حصنا لهذا الوطن ، ومقومامن مقوماتنا الروحية التي نعتز بها من كل زيغ وتضليل وتحريف ” . وهو ما كان ينافح عنه أستاذنا الدكتور سيدي محمد الراوندي رحمه الله طيلة سنوات عمله بهذه المؤسسة . وهذا السلوك الحسن يعتبر من أصول التدريس والتربية والتعليم . فقد استفاد من علمه الكثير من طلبة العلم والبحث العلمي ، مصداقا لقول نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام : ” إن الناس لكم تبع ، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض ، يتفقهون في الدين ، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا . ”
رحم الله أستاذنا الجليل ، العلامة الأصيل ، الدكتور سيدي محمد الراوندي وأسكنه فسيح جناته ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .
د. منير البصكري الفيلالي / أسفي .   

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر + ثمانية =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض