
صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 58
إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي
لعل ما كتب عنه كاف ليطلعنا على أننا فعلا أمام قمة شامخة في بلادنا .
ففي لقاء تاريخي موشوم في ذاكرة مراكش يوم 26 يونيو 2014، أقيم حفل تكريمي للأستاذ الجليل عبد الإله المستاري أحد أهرامات القضاء بالمغرب ، حضرته شخصيات وازنة أدلت بشهاداتها في حق هذا الرجل. من ضمنها شهادة الأستاذ فارس الرئيس الأول لمحكمة النقض يقول فيها : ” بأن السيد المستاري ينبوع متجدد ، ومدرسة قائمة بذاتها، ونموذج من معدن أصيل ، تضيق العبارة عن الحديث عنه ، وتصعب الشهادة في حقه خشية الانزلاق في التقليل من قيمته ” ومع ذلك ، اعتبره ” هرما من أهرام النيابة العامة كقيمة إنسانية في العطاء والمواطنة الحق، والغيرة الصادقة والعزم القوي على الارتقاء في مدارج التطور والصلاح .. ” مضيفا ، ” تحمل مسؤولية النيابة العامة كرجل التوازنات بحرأة وحزم ، تضحية ووفاء ، تفاني وإخلاص ، تكوين علمي رصين ، تجربة قضائية متفردة ، نزاهة واستقامة ، نبل وأخلاق رفيعة ، معدن أصيل ، مزاوجة بين بعد نظر الفقيه المتمكن ، ورزانة رجل النيابة العامة ، واحترافية المسؤول الميداني المحنك. ” وقال عنه الأستاذ عبد العزيز وقيدي الرئيس الأول الكاتب العام للودادية الحسنية للقضاة ، رئيس أول لمحكمة الاستناف بمراكش : ” رجل هادئ متواضع ، ذو أخلاق سمحة ، صاحب الأيادي البيضاء الطاهرة ، رجل دافع طوال مشواره المهني عن تأسيس قضاء مستقل قوي ، نزيه وكفء . فقد كان خلال عقود من الزمن عمدة النيابة العامة ، وحصنا منيعا لها .. أسس توجهات قانونية رصينة ، ورسم معالم سياسة جنائية متميزة ، غايتها تحقيق التوازن الضروري واللازم تبين حقوق الضحايا وحقوق المتهمين ، وبذلك وضع بصماته الخاصة ، مؤسسا لمدرسة قانونية تشكل معينا لا ينضب ، ومرجعية ذات خصوصية متميزة ..”
وفي السياق ذاته ، كتب عنه الأستاذ محمد أنيس الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش قائلا : ” كانت لهذا الرجل قوة خاصة لتفجير الطاقات الفكرية داخل المنظومة القضائية .. إنه الرجل الذي كرس حياته لخدمة العدالة والإنصاف ، وساهم بتجربته في مجال القضاء لترسيخ المشروعية وبناء دولة القانون .. فهو القاضي الكفء الذي تميزت قراراته القضائية بالاتزان ، متشبث بقول الحق والصدع به دون مخافة لومة لائم .. إنه القاضي النزيه والصديق الوفي والأب الحنون ، إنه بحق رجل دولة بامتياز ..”
ومن الشهادات أيضا التي كتبت في حق أستاذنا الجليل سيدي عبد الإله المستاري حفظه الله ، ما أدلى به الأستاذ عمر أبو الزهور نقيب هيأة المحامين بمراكش : ” الأستاذ المستاري قاض ومؤرخ ومفكر ، مجتهد في نافع فقهه ، الرائد لا يكذب أهله ، مصلح ورافعة لمبادئ المهنة .. الأستاذ المستاري خبرة .. ذمة .. قمة .. لا يغفل فكرة .. عنوان مهنة .. ميزان حكمة .. شبل الوطنية ..”
وضمن هذه الكتابات ، نجد ما قاله الأستاذ يونس الزهري الكاتب العام للمكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة في حق أستاذنا الكبير سيدي عبد الإله المستاري : ” إنه رجل ذو علم وعمل ، آمن بمبادئ العدل والكرامة والنزاهة والشجاعة ودافع عنها ، رجل عبقري الأداء ، وقوي الاستيعاب وحسن التصرف . رسم بفكره المتميز معالم توجهات ، رائد في عمل النيابة العامة .. ”
نضيف إلى ما سبق ، ما كتبه الأستاذ مصطفى مداح ، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض عن أستاذ الأجيال سيدي عبد الإله المستاري : ” الدفاع عن تطبيق القانون مبتغاه ، وحسن الإصغاء من أهم خصاله ، والقدرة على تنسيق العمل بين مختلف مكونات الجسم القضائي داخل دائرة المحاكم التي عمل بها خير شاهد على خبرته وتجربته ، والغيرة على وظيفته جعلت منه خصما شريفا ، إنه القاضي المقتدر المسؤول ، السيد عبد الإله المستاري الذي يعد من العناصر القضائية المرموقة .. أغنى بإسهاماته العلمية الخزانة القضائية بمراكش ، وكان دأبه وحدبه السعي دائما من أجل تحصين القضاء وبث مجموعة من القيم والمعايير الخلقية لتصحيح المسار القضائي عن طريق نقاش عميق ورصين من خلال المشاركة في العديد من الحلقات الدراسية والندوات العلمية ذات البعد الوطني والدولي .. ”
وتتوالى الكتابات في حق هذا الرجل الذي قلما يجود الزمان بمثله . ونستحضر هنا شهادة الأستاذ عبد اللطيف عبد المنعم ، رئيس المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاء بمراكش ورئيس المحكمة الابتدائية بها : ” أستاذ الأجيال القاضي المقتدر المسؤول الأستاذ عبد الإله المستاري الذي يعد من العناصر القضائية المرموقة ، والمرجع في عمل النيابة العامة بامتياز ، القاضي الفاضل .. رجل كان خلال عقود من الزمن عمدة للنيابة العامة وحصنا منيعا لها ، عمل فيها بكل حيوية ونشاط .. كان ملاذا للمظلومين وعونا ونصيرا لهم ولجميع المستضعقين ، لا يضره من خالفه الرأي .. ”
ومن الذين اعتبروا الأستاذ المستاري أحد المسؤولين القضائيين الذي وشموا الذاكرة القضائية والقانونية ، الدكتور يوسف البحيري عميد كلية الحقوق بمراكش . يقول عنه :
” أصالة مثقف من طراز خاص ، ابن بار لمدرسة الحركة الوطنية ، حداثي ومنفتح على عوالم وحقول قانونية معرفية باللغتين العربية والفرنسية ، ويمكن اعتباره من مؤسسي مدرسة النيابة العامة بالمغرب .. ”
هي إذن كتابات وشهادات تلقي الكثير من ضوء التقييم والتقدير لرجل ندر حياته لخدمة العدالة والإنصاف . ومن ثمة ، أهلته حياته الحافلة بالإنجازات ، وسيرته الذاتية الغنية بالكثير من المحطات المضيئة ، ليكون قامة شامخة . فالرجل طينة نادرة من الرجال في الفكر وخدمة البلد والعرش والإنسانية عموما .. رجل الدولة ورجل العلم والمعرفة ، كما هو رجل العدل والقدوة والنموذج . هكذا ينبغي لمدينة أسفي أن تعتز وتفخر بنا أنجبته من رجالات يعدون هامات سامقة ، والأستاذ عبد الإله المستاري واحد من هؤلاء الرجال الذين كانوا يمثلون الصفوة البارزة المحبوبة المتميزة .. متنوعة الأبعاد ، كثيرة المناحي ، وضاءة المعالم . فكم نحن مدينون لهؤلاء بكل معاني التقدير والاحترام والوفاء . ففي حياتهم الكثير من المعاني والسجايا الطيبة ، والإضافات المعرفية والوطنية الصادقة والمواصفات النبيلة .
وإذا كنا في الدراسات الأدبية نطلق لقب “عميد” على من تألق وهجه الفكري والأدبي ، فكان مبدعا في عطاءاته ، كقولنا مثلا ، الدكتور عباس الجراري عميد الأدب المغربي، فيحق لنا اليوم أن نضفي مثل هذا اللقب على أستاذنا الجليل سيدي عبد الإله المستاري فنقول: ” الأستاذ المستاري عميد النيابة العامة في المغرب “وهو لقب يستحقه بدون منازع نظرا لتوهجه في عالم القضاء وتفانيه في خدمة المنظومة القضائية ببلادنا.
تلكم صورة قد تكون متواضعة جدا عن أن تفي حق هذا الرجل، أو أن تعبر عن بعض ما يمتلئ به القلب والوجدان من تقدير واحترام وإعجاب واعتزاز بالأستاذ الجليل سيدي عبد الإله المستاري حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية وطول العمر.